IMLebanon

نتنياهو والمحكمة الجنائية الدولية

 

 

 

لقد أتت مقررات ومندرجات إجتماع الحوار ما بين حركة حماس والكيان الصهيوني في القاهرة منسجمة تماماً مع ما آلت إليه الأمور في ميدان المقاومة على كامل تراب غزة. ومما قاله نتنياهو بتاريخ 7 أيار 2024 يبشِّر بوحشية جديدة يتم الإعداد لها، وقوله بأنه لن يسمح بعودة حماس مجدداً إلى غزة، يثبت أن ما أتى على لسان مقررات مؤتمر القاهرة من أن فك الحصار المزمن عن غزة يجب أن يتم، وان الوضع يجب أن يعود إلى ما كان عليه قبل 7 أكتوبر 2023 في غزة، يعبّر عن انتصار مشرّف لحركة حماس بعد أكثر من 200 يوم من القتال والإبادة الجماعية الصهيونية الجبانة بحق أبناء شعبنا الفلسطيني. وقد رأى محللون إسرائيليون أن قبول حركة المقاومة الإسلامية حماس مقترح إتفاق تبادل الأسرى ووفق إطلاق النار في قطاع غزة شكّل مفاجأة لتل أبيب ووضع حكومة بنيامين نتنياهو في مأزق لأن نوايا نتنياهو الحقيقية قائمة على إستكمال الحرب باجتياح رفح ومن ثمّ اشعال الحرب في الضفة الغربية ومحو كل معالم الدولة الفلسطينية والإجهاز على كل أمل في قيام تلك الدولة بتهويد كل الأرض بسلاح القتل والإرهاب.

لقد ذكر موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو طلب من الرئيس الأميركي جو بايدن خلال محادثة هاتفية مساعدته في منع إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف يمكن أن تستهدفه شخصيا في إطار التحقيق بشأن ممارسات إسرائيل في غزة. وفي تقرير لصحيفة «ذا غارديان» البريطانية، فإن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان سيستغرق بعض الوقت لإكمال التحقيق التفصيلي المطلوب لإثبات جرائم الحرب الإسرائيلية مثل القصف العشوائي للمناطق المدنية وإطلاق النار على أهداف عسكرية مع ما يترتب على ذلك من عواقب مدنية غير مناسبة، لان الحكومة الإسرائيلية رفضت السماح لموظفي الحكومة بدخول غزة.

 

تقول سامنتا باور مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أنه خلال معظم فترة الحرب سمحت إسرائيل بدخول ما يكفي من الغذاء إلى غزة لتجنّب الموت على نطاق واسع، ولكن ليس بما يكفي لمنع انتشار الجوع. ووفق «ذا غارديان» أيضاً قد تجادل الحكومة الإسرائيلية بأن إسرائيل لديها نظاماً قانونياً متطوراً ويمكنها محاكمة مجرمي الحرب التابعين لها بموجب ما يعرف بمبدأ التكامل، من المفترض أن تذعن المحكمة الجنائية الدولية لجهود العدالة الوطنية لكن إسرائيل ليس لديها تاريخ في محاكمة كبار المسؤولين بتهمة إرتكاب جرائم حرب ولم يتم رفع أي قضية تتعلق باستراتيجية التجويع التي ينتهجها نتنياهو في غزة. وقالت هيئة البث الإسرائيلية أن تل أبيب تدرس بقلق إحتمال إصدار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرات إعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع ورئيس أركان الجيش. وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» يعتقد المسؤولون الإسرائيليون بشكل متزايد أن المحكمة الجنائية الدولية تستعد لإصدار أوامر إعتقال بحق مسؤولين حكوميين كبار بتهم تتعلق بالحرب على قطاع غزة وفقاً لخمسة مسؤولين إسرائيليين وأجانب. وفي مطلق الأحوال إن اختلفت أميركا مراراً مع إسرائيل، من حيث الأسلوب وأحياناً من حيث المبدأ نظراً لتواجد يمين ويسار ولكن مصلحة أميركا الكبرى تبقى ببقاء قوة إسرائيل التي لا تهدّد لوبياتها إلّا أسلحة المقاومات لها في كل العالم، حيث تسهّل الأمر على أميركا نهب موارد العالم عبر تلك اللوبيات الناشطة في كل أصقاع الأرض.

 

إذا كانت اليوم أميركا تريد إطفاء النار في غزة بعد إبادات جماعية قتلت عشرات الآلاف من الأبرياء الأطفال والنساء العزّل الفلسطينيين، فلنتأكد بأن واشنطن عندما تطفئ النار في مكان تشعلها من جهة أخرى في بقعة أو وطنٍ أو أوطانٍ أخرى. يقول الكاتب الصيني تشوا تشين لينغ أن أكبر تهديد للولايات المتحدة ليس الصين بل السلام، لأن السلام سيضع في العالم نهاية للإمبراطورية الأميركية الدولارية التي بُنيت حول الحرب واقتصاد الحرب وتجارة الحروب. عندما يكون هناك سلام في العالم سيضيّع الأميركيون، لأن المجمع الصناعي العسكري الأميركي سيكون بأكمله معطّلاً عن العمل وستنتشر البطالة وستكون جميع القواعد العسكرية الأميركية في العالم زائدة عن الحاجة وسيصبح التوظيف هو المشكلة رقم واحد في الولايات المتحدة، وعندها تكون آلة الحرب الأميركية معطّلة فإن جميع مشغّلي وكالة المخابرات المركزية سيكونون عاطلين عن العمل، وإن كل الأخبار المزيّفة عن التهديدات والأعداء ستصبح نكاتاً، وستكون الميزانية العسكرية التي تبلغ قرابة تريليون دولار أميركي باهظة تماماً بدون حروب وبدون أعداء. فالحروب التي تشنّها أميركا بدعم من الصهيونية وبمؤازرة منها هي الهواء التي تتنشقه واشنطن لتبقى على قيد الحياة.