كتب عوني الكعكي:
هذا سؤال محق وطبعاً له أسبابه، إذ منذ انعقاد مؤتمر «سيدر» في باريس، والذي حضرته ٤٠ دولة، و١٠ منظمات دولية، وتقرر فيه أن يقدموا الى لبنان مساعدات بمبلغ ١٢.٨٠٠ مليار دولار كمنح وقروض وكان ذلك بتاريخ ٦ نيسان ٢٠١٨.
في هذا المؤتمر الذي اعتبره الرئيس سعد الحريري إنجازاً كبيراً، إذ ليس من السهل حصول لبنان على هذا المبلغ الكبير، في ظل الظروف الاقتصادية العالمية.
ولكن هذه المبالغ التي تقرر إعطاؤها بشكل منح وقروض كان لها شروط وهي:
أولاً: تنفيذ شروط الإصلاح الإداري والمالي.
ثانياً: معالجة موضوع الفائض في الموظفين في الإدارة، إذ لا يمكن أن تتحمّل الميزانية ٦٤ ألف موظف زيادة يكلفون ٤.٥ مليارات سنوياً.
ثالثاً: ضبط المعابر الشرعية من أجل تحصيل مبالغ كبيرة تصل الى ٤ مليارات دولار بسبب التهريب، فجميع البضائع التي تأتي من العالم الى لبنان ومن دون أن يدفع أصحابها رسوم جمركية للدولة، بل يذهب ذلك الى جيوب الحزب العظيم والجماعات التي يحميها.
رابعاً: من أهم المواضيع التي بحث بها المؤتمر هو موضوع الكهرباء التي كلفت منذ عام ١٩٩٣ الى يومنا هذا ٤٦ مليار دولار أي أكثر من نصف الدين العام.
خامساً: الأملاك البحرية والتعديات، والأهم من كل هذا أن يكون ذلك بالتعاون والمراقبة من صندوق النقد الدولي.
سادساً: رفع الضريبة على القيمة المضافة والتي هي ١١٪ بينما هي في فلسطين ٢٠٪ وهذا غير مقبول.
نعود الى الحملة التي لا تهدأ يوماً واحداً في الإعلام المقاوم، ومعه لا أعرف كيف ركبت: الحزب الشيوعي ومعهم أيضاً منظمة العمل الشيوعي، وهنا سؤال أيضاً كيف يلتقي الإلحاد مع التديّن؟ وهل المصالح أهم من المبادئ؟ هذه الحملة تركز على حاكم مصرف لبنان والبنوك، والعجيب الغريب أنّ الذين تسبّبوا في هذا الدين العام أي الإدارة السياسية لهذا البلد، يريدون أن يحاسبوا الذي كرّم وسلّف البلد، وهنا نسأل أنفسنا لو أنّ البنوك إمتنعت عن دفع المال للدولة فماذا كان سيحصل؟
أي ماذا حصل عندما إشترط رئيس جمعية المصارف على الدولة أن تضبط الكهرباء كي يتم تسليفها قامت الدنيا ولم تقعد عليه ولولا الظروف كان يمكن أن يوضع في السجن.
الحاكم حاول أن يفعل المستحيل لتخفيف الضغط الاميركي عليه، بحجة «حزب الله»، إذ أنّ أميركا وضعت «حزب الله» تحت خط العقوبات، وهذا يعني أنه يُمنع على البنوك اللبنانية أن تتعامل معه، وبدأ الانذار الأول بإقفال البنك الكندي الذي يرأس مجلس ادارته جورج ابو جودة وكان المدير العام محمد حمدون المحسوب على طائفة معيّنة، إخترع صيغة بأن يدمج البنك الكندي مع البنك الفرنسي سوسييته جنرال وهكذا أنقذ القطاع المصرفي اللبناني من أزمة كبيرة، وحافظ على أموال جميع المودعين وهذا بفضل أفكار الحاكم الحكيمة.
لم يكتفِ الأميركيون بذلك، بل أيضاً جاء القرار بإقفال بنك الجمال، وفعلاً أقفل البنك، ولكن حكمة الحاكم حافظت على أموال جميع المودعين، وكذلك نتذكر كيف خطفوا قاسم تاج الدين من المغرب والذي لا يزال في أحد السجون في أميركا وهذا الملف مفتوح، فبدل أن يشكروا الحاكم والمصارف الذين يذهبون كل ٣ أشهر الى أميركا لمعالجة الوضع ومحاولة إقناع الاميركيين، أن يخففوا الضغط على لبنان، نرى الإعلام المقاوم يريد أن يحاسب ويحاكم الحاكم وأصحاب البنوك.
نعود الى مؤتمر «سيدر»، لماذا خلال ٣ سنوات، لم يفعلوا شيئًا، لا بالكهرباء ولا بالإدارة ولا بالمعابر.
نعود أيضاً الى ما قاله الرئيس الحريري في كتاب الإستقالة ولكن لا أحد ينتبه، فكم من الاجتماعات عُقدت من أجل الكهرباء، فما هو المطلوب: الهيئة الناظمة للقطاع، وتعيين مجلس إدارة، ولكن البطل الصغير وصاحب الطموحات الفضائية، ليس عنده هم إلاّ التخلف والفشل وتجميع أكبر عدد من المراكز في الدولة، أي يجب أن يكون كل مسيحي في الإدارة من جماعته وإذا صودف أنّ أحداً لم يكن من جماعته فتتوقف التعيينات، وهذا بحاجة الى بحث كامل لنعطي الأمثلة.
أخيراً، الفاجر أكل مال التاجر.