IMLebanon

القرار الدولي حازم وحاسم بحماية الإستقرار في لبنان

تتساءل أكثر من جهة سياسية عن مرحلة ما بعد معركة جرود رأس بعلبك والقاع، وذلك على صعيد الإستثمار السياسي لنتائج هذه المعركة، وانعكاساتها على الداخل اللبناني في سياق الإصطفافات السياسية الحالية، وتحديداً ما يرتبط منها بالإستحقاق الإنتخابي الذي يبقى الركيزة لأي حراك سياسي أو غير سياسي، على اعتبار أن جميع القوى والأحزاب بدأت تعمل على استثمار كل المعطيات سواء كانت سياسية أو أمنية أو إقتصادية في السياق الإنتخابي.

وفي موازاة هذا الواقع، تظهر في الآونة الأخيرة تحركات أميركية على الساحة اللبنانية الداخلية، سواء من خلال المواكبة لمعركة «فجر الجرود»، من الناحية اللوجستية، حيث تكشف أوساط سياسية مطّلعة، أن معركة الجرود كانت مدار اهتمام ومتابعة على أعلى المستويات من قبل الإدارة الأميركية، ومن خلال كبار الضباط المتواجدين في السفارة الأميركية في بيروت، وفي بعض القواعد التي يتنقلون إليها في إطار تقديم الدعم للجيش، مع العلم أن الأجواء التي واكبت مسار «عملية فجر الجرود» لم تكن وليدة ساعتها، بل سبقها جسر جوي أقامه الجيش الأميركي مع مطاري رياق وحامات لتأمين الأسلحة النوعية للجيش، إضافة إلى التدريب الروتيني على استخدام المعدات والسلاح الجديد.

وكشفت هذه الأوساط، عن أن الإستعداد لمعركة الجرود، قد بدأ منذ مدة من خلال عملية تسليح الجيش اللبناني، حيث أنه سجل خلال زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى الولايات المتحدة الأميركية، عقد لقاءات بين ضباط من الجيش اللبناني مع مسؤولين أميركيين لمتابعة مسألة تسليح الجيش، مع العلم أنه كان من المفترض أن يكون قائد الجيش جوزف عون في عداد الوفد اللبناني إلى واشنطن، إلا أنه لم يسافر نظراً لدقة الأوضاع في القاع ورأس بعلبك من جهة، وبسبب مبادرة قيادة الجيش لإعداد خطة عملية «فجر الجرود» من جهة أخرى.

وفي اعتقاد هذه الأوساط الديبلوماسية، أن الغطاء الدولي والإشادة الأميركية والفرنسية الأسبوع الماضي، والروسية بالأمس، باحتراف وبسالة الجيش اللبناني، وسرعته في القضاء على تنظيم «داعش» الإرهابي، تؤكد أن ما بعد المعركة سيرسي واقعاً سياسياً مغايراً، باعتبار أن غطاء السلطة السياسية من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشل عون ومجلس الوزراء الذي وفّر الأرضية الصلبة لهذه العملية، سيعزّز موقع الرئاسة الأولى كما الحكومة في آن.

وفي هذا السياق، تحدّث مصدر نيابي عن دلالات واضحة من قبل السلطة لرعاية هذا الإنتصار، وذلك من خلال مواكبة العملية العسكرية من قبل رئيس الجمهورية الذي حضر إلى غرفة العمليات في وزارة الدفاع لدى إطلاق ساعة الصفر للمعركة، بالإضافة إلى زيارة الرئيس سعد الحريري منذ يومين إلى جبهات القتال، ليدلّ على أن الحكومة باقية، وأن هناك دعماً دولياً لاستمرارها حتى موعد الإنتخابات النيابية المقبلة، كما أن الدعم الدولي، وخصوصاً الأميركي للجيش اللبناني، حمل إشارات واضحة في هذا الإطار. وقال المصدر أنه على كل الأطراف قراءة هذه الرسالة الدولية التي ظهرت بقوة في لحظة داخلية تعرّضت خلالها الحكومة للإهتزاز بسبب الخلاف الحاد بين مكوّناتها السياسية حول زيارة الوزراء إلى دمشق أولاً، ومعركة جرود عرسال ثانياً، والأزمة الناشئة مع دولة الكويت ثالثاً، وصولاً إلى الملفات الخلافية الإقتصادية والمالية رابعاً. وأكد المصدر، أن هذه العناوين الكبيرة والمتفجّرة لم تسقط الحكومة، مما يدل على أن القرار الدولي حازم وحاسم بحماية الإستقرار السياسي كما الأمني في لبنان.

أما بالنسبة إلى الأهداف التي تكمن وراء استمرار اهتمام عواصم القرار بلبنان ومؤسّساته الأمنية والسياسية، فقد لاحظ المصدر نفسه، أنها تتركّز في القرار العالمي بتحييد الساحة اللبنانية عن الحرب السورية، وعن اتجاه دولي لحلّ الصراع السوري عبر المفاوضات السياسية، ومن خلال التعاون بين واشنطن وموسكو وعواصم المنطقة، ومن دون استثمار الساحة اللبنانية لتوجيه الرسائل إلى أي طرف دولي أو إقليمي على تماس مع أطراف الصراع السوري.

وخلص المصدر النيابي إلى أن المرحلة المقبلة ستحمل معها المزيد من الدعم الداخلي، كما الخارجي، للعهد وللحكومة، وستعزّز حيادية لبنان عن كل الصراعات الدائرة في المنطقة، وتخفّف بالتالي، الإنعكاسات السلبية لأي اشتباك إقليمي أو دولي على الساحة اللبنانية.