IMLebanon

من 2005 إلى 2020… لبنان بين الإغتيال الكبير والإنفجار الأكبر

 

15 سنة ونصف السنة و4 أيام مرّت على تفجير موكب الرئيس الشهيد رفيق الحريري ليصدر حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، كل تلك المرحلة لم تكن كافية لترتوي أرض لبنان من الدماء والمشاكل، فأتى إنفجار مرفأ بيروت كضربة كبيرة ومزلزلة للبلاد.

 

لحظة سماع دويّ الإنفجار بعد ظهر 4 آب، ظن الجميع أن مشهد إغتيال الحريري يتكرّر على أبواب ساعات من إقرار حكم المحكمة، والمقارنة الأولى بعد إنكشاف حجم الإنفجار كانت مع جريمة الحريري، لكن بعدما استوعب الجميع الصدمة وانقشعت الرؤية كانت الفاجعة بأن ما حصل في المرفأ قريب من فاجعة هيروشيما وليس له علاقة بالإغتيالات السياسية وحجمها. لا ينكر أحد أن المنطقة برمّتها، ومن ضمنها لبنان طبعاً، تعيش تداعيات إغتيال الحريري، لكن هناك فوارق كثيرة على رغم أن إنفجار المرفأ لا دخل له في السياسة، لكنه دخل كمعطى أساسي وشبه وحيد في هذه المرحلة بالذات ولا يمكن لأحد تجاوزه.

 

العام 2005 كان لبنان واقعاً تحت نير الإحتلال السوري وكانت السلطة اللبنانية كافة، من رئيس الجمهورية إميل لحود إلى الحكومة ومجلس النواب، تخضع لرستم غزالي، وكانت المعارضة التي تتشكّل تتحضّر لخوض إستحقاق الإنتخابات النيابية لتحرير البرلمان، أما اليوم فإن لبنان واقع تحت الهيمنة الإيرانية عبر “حزب الله”، وتتهم قوى المعارضة “الحزب” بالسيطرة على كل المؤسسات من رئاسة الجمهورية إلى الحكومة والمجلس النيابي وصولاً إلى كل القرارات المهمة.

 

لكن الفارق الأساسي أنه بعد اغتيال الحريري تشكّلت جبهة معارضة داخلية قوامها القوى المناهضة للإحتلال السوري. لكن اليوم، لا حكم المحكمة الدولية ولا حتى إنفجار بيروت باستطاعتهما توحيد المعارضة وتحديد برنامج هدف وفق رؤية واضحة.

 

ويعتبر كل من عايش المرحلة الماضية أن فترة ما بعد اغتيال الحريري كانت مصيرية بالنسبة إلى لبنان ونزل الناس تحت شعارات سيادية وسياسية واضحة، أما كل ما يحصل منذ ثورة 17 تشرين وحتى اليوم فيحدث تحت عناوين مطلبية ولا توجد خريطة طريق واضحة أو قيادة موحّدة للمعارضة، كما أنّ هناك عدداً كبيراً من الأحزاب والتيارات التي خاضت معركة 14 شباط و14 آذار ينهال عليها غضب الشعب ويضعونها ضمن شعار “كلن يعني كلن”.

 

أما من الناحية الإقليمية والدولية، فإن السعودية كانت في صلب المواجهة، واحتضنت الدول الكبرى ثورة الشعب اللبناني وأيّدت مطالبه بالخروج السوري وتأليف لجنة تحقيق دولية، في وقت تُبدي الرياض اليوم عدم رغبتها في الدخول في الوحول اللبنانية وتقاطع دول عدة الحكم اللبناني لأنه يخضع لـ”حزب الله”، ومتّهم بالفساد ويعيش لبنان شبه عزلة ولا تفعل الدول الكبرى أي أمر مهمّ لتحريره من القبضة الإيرانية.

 

أما الشيء المشترك بين العامين 2005 و2020 فهو الزخم الشعبي، فالشعب اللبناني على رغم كل الحروب والمآسي ما زال ينبض ولا يتراجع ويثور من أجل نجدة بلده ويتمسّك بالحياة ولا يأبه بوجود السلاح غير الشرعي، ومثلما نادى في العام 2005 “ما بدنا جيش بلبنان إلا الجيش اللبناني” يردد اليوم “ما بدنا سلاح بلبنان إلا سلاح الجيش اللبناني”.

 

نجح الشعب اللبناني في الـ 2005 بإنشاء لجنة تحقيق دولية ومن ثمّ محكمة دولية بينما لا يزال يخوض اليوم معركة التحقيق الدولي في إنفجار المرفأ، لكن كل هذه الغيوم التي مرّت سابقاً وتخطّاها الشعب لا تعني أنها لن تعاود، فالعام 2020 هو عام الإنهيار الإقتصادي وسط التوقعات بألا تجد الطبقة السياسية حلولاً لكل هذه الكوارث الإقتصادية.

 

أما سياسياً، فإن الأنظار تتوجّه إلى كيفية تعامل الرئيس سعد الحريري مع ما بعد حكم المحكمة، خصوصاً وأن هناك إستحقاقاً سياسياً ينتظره وهو تسمية رئيس حكومة جديد، وهذا الأمر يرسم خريطة تعامل الحريري مع “حزب الله”. في المقابل، تتوقّع الدول الكبرى للبنان مزيداً من التراجع في حال لم يطبّق الإصلاحات أو تفك الدولة إرتباطها مع الدويلة، وأمام كل ما يحصل يبقى الترقّب سيد الموقف ولا شيء يوحي بوجود حل… أو تفجير كلّي.