IMLebanon

المحكمة الدوليّة ورأس «حزب الله»/ 2  

 

طُرِح التساؤل بالأمس مع الحديث عن صدور القرار الاتهامي أواخر فصل الصيف في قضيّة اغتيال الرئيس رفيق الحريري: هل يتهم القرار أمين عام حزب الله حسن نصر الله؟

 

عمليّاً ليست المرّة الأولى التي يجري الحديث فيها عن التوّرط الكبير لحزب الله ورؤوس قياداته العسكريّة بعملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فما نقلته مجلة روز اليوسف سبق وقيل الكثير عن خضوع منفذي عملية اغتيال الحريري مباشرة، لسلطة وقيادة أمانة «حزب الله»، وأن الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، سيعتبر متهماً وفق نظام المحكمة، على الأقلّ لعدم اتخاذه التدابير اللازمة لمنع ارتكاب مرؤوسيه عملية الاغتيال، أو أنّه حرّض عليها، ومولها»، وعليه فالقرار الذي سيصدر أواخر هذا الصيف سيترك أثراً كبيراً على الواقع اللبناني ولن يمرّ أبداً مرور الكرام.

ليست المرّة الأولى، سبق وكتبنا في هذا الهامش عشرات المقالات، أشرنا فيها إلى تورّط حزب الله من بيروت إلى طهران بدماء رفيق الحريري وكلّ الشهداء الذين طالتهم اغتيالات إرهابيّة ربما علينا أيضاً أن نعيد اللبنانيين بالذاكرة إلى فتوى المرشد الإيراني علي الخامنئي في21 كانون الأول من العام 2010 والتي اعتبر فيها «أن المحكمة شكليّة، ومرفوضة، وأيّ قرار أو حكم سيصدر عن المحكمة يعتبر باطلاً ولاغياً»، أو ربّما علينا تذكير اللبنانيين بالجملة الشهيرة للنائب وليد جنبلاط في لحظة «انقلاب جنبلاطيّة» ـ اعتادها اللبنانيّون ـ عاش مرارتها الشعب اللبناني في1 شباط من العام 2011 «فليعذرني الرئيس الحريري، ما من أحد يدوم.. هذه المحكمة تقول بصراحة إنّ طائفة معينة قتلت زعيم طائفة أخرى، ولكن نستطيع أن نخفّف تلك النتائج، وأن نعيش في شكل مقبول، ولتقل المحكمة ما تريد قوله لأن هذا ليس من شأننا، في الداخل علينا أن نعيش وأن نتجنب الحرب المذهبية»، في هذه اللحظة اللبنانية إن صدر هذا الاتهام لن تندلع حربٌ مذهبيّة، ولن تُتهم طائفة باغتيال الرئيس الحريري، توّرط حزب الله في سوريا كشف الكثير للطائفة الشيعيّة أكثر من كلّ اللبنانيين، بأنها أكبر ضحايا حزب الله!!

في 28 أيلول من العام 2013 نشرت صحيفة «نيويوركر»الأميركية تحقيقاً مطوّلاً للصحافي ديكستر فيلكينز عن كبير «إرهابيّي» إيران قائد «فيلق القدس» في حرس الثورة الإيراني الجنرال قاسم سليماني وإدارته لعملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ثمة شكوك كثيرة ـ كانت شكوك وقد باتت مؤكدة ـ عن توّرط حزب الله «من ساسو لراسو» في اغتيال رفيق الحريري، سبق وكتبنا في هذا الهامش في 16 شباط 2015 تحت عنوان الرئيس الشهيد و»لبننة» حزب الله: «في «سكرة» الحزن، كان غالبُ ظنّنا أنّ بشّار الأسد ومخابراته وحدها نفذّت الجريمة وذلك بسبب تاريخ القتل الطويل الذي أذاقه الأسد الأب للبنان، وفي بيوتنا كان السؤال حاضراً دائماً «ما علاقة حزب الله؟ وشكوكنا حامت كثيراً حول معرفته بهذه الجريمة»، ولكنّ حملة تضليليّة انطلقت وتزعمّها أمين عام حزب الله حسن نصر الله سعت لأخذ اللبنانيين وشكوكهم باتجاه آخر، فخرجت أحاديث تلك اللقاءات التي جمعته بالرئيس الشهيد ومطولات «الغرام» و»الودّ» من أهل «التقيّة» عبر التاريخ!!

وفي هذا المقال تحديداً، كتبنا عن الحوار الذي انخرط فيه رفيق الحريري مع أمين عام حزب الله وقلنا: « كان «الجمل بنيَّة، والجمّال بنيّة» كما يقول المثل الشعبي، كان رفيق الحريري قد استيقن أنّه من الصعب تعايش مشروعيْ «هونغ كونغ» وهانوي، أو مشروع الإعمار والدّمار (…) وإيران بدورها كانت محتاجة لخلاصة القول في رفيق الحريري ومشروعه، وبرأيي؛ هذه اللقاءات شكّلت خلاصة التقرير الذي رُفع للإيرانيين بأن الرّجل لا حلّ له ولا معه»، فكان الاغتيال في يوم أسود من تاريخ لبنان المعاصر.

إن أكبر تقيّة «إرهابيّة» يعيشها لبنان اليوم تجد سندها الشرعي في كونها «دين» و»عقيدة»:»إنكم على دين من كتمه أعزه الله،ومن أذاعه أذلَّه الله «(أصول الكافي 2/ 222)، «اتقوا الله في دينكم فاحجبوه بالتقيّة، فإنه لا إيمان لمن لا تقيّة له « (أصول الكافي 2/ 218)،»إن تسعة أعشار الدّين في التقيّة ولا دين لمن لا تقيّة له «(أصول الكافي 2/ 218)، والأيّام المقبلة سترسم أخيراً نهاية حزب الله و»التقيّة الإرهابيّة» التي فرضها على لبنان طوال ثلاثة عقود من الكذب والعمالة لإيران.