تكشف مصادر ديبلوماسية غربية، ان الاولوية الاسرائيلية في التعامل مع ايران وتحجيم دورها ونفوذها وقوتها العسكرية في المنطقة، يتركز على سوريا، وان اسرائيل تدرك تماماً ان القوة الاساسية لايران في المنطقة موجودة في سوريا. من هنا لن تتوانى اسرائيل عن استهداف ايران وحلفائها في سوريا في اطار هذه السياسة المدعومة من ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب. وتأتي المساعي الاميركية – الاردنية – الروسية لابعاد ايران وحلفائها عن الجنوب السوري، وبالتالي عن شمال اسرائيل، لتصب في اطار ابعاد ايران عن اسرائيل. على ان ينجز هذا الترتيب بضمانات روسية. ان الامر يمثل لعبة توازن مع ايران، وايران بدورها لا تريد التفتيش عن مواجهة مع اسرائيل. لا بل ما يهمها الداخل السوري، والمناطق التي يسيطر عليها النظام تحديداً، خصوصاً بعدما بات شبه محسوم، ان النظام يسيطر على وسط سوريا. على ان الخطر من عدوان اسرائيلي على لبنان يبقى قائماً، في ظل التهديدات المستمرة من القادة الاسرائيليين.
وتقول مصادر ديبلوماسية في موسكو، ان زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الاخيرة لموسكو، حصدت دعماً روسياً لاسرائيل، وروسيا نفسها ليست منزعجة من الضربات الاسرائيلية على مواقع ايرانية وأخرى لـ “حزب الله”، ولم تتدخل لمنعها. لا بل ان روسيا يهمها تحجيم الدور الايراني في سوريا، ولو كان هناك تفاهم بينهما على سياسات معينة موحدة. انما هذا لا يعني انه لن تكون بينهما خلافات مستقبلية. وبالتالي، هناك تقاطع مصالح روسية – اميركية – اسرائيلية حول هذه النقطة، اي تحجيم الملعب الايراني في سوريا. روسيا يهمها ان تعزز وجودها على الارض السورية. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اشار الى ضرورة خروج ايران و”حزب الله” من سوريا. وبالتالي، ليس فقط الاميركيون هم من يطلبون ذلك. والدولتان الكبريان ليستا بعيدتين بالنسبة الى هذا التوجه. بل الاختلاف بينهما هو حول التوقيت.
ذلك ان موسكو تريد اطول مدة ممكنة للوجود الايراني في سوريا لاستغلال الامر لتحقيق مصالح اكثر في اطار التسوية في سوريا، طالما ان اي خروج ايراني ولـ “حزب الله” من سوريا، هو دليل خضوع لضغوط دولية كبيرة. لكن هذا الخروج ليس متوقعاً في فترة قريبة.
والضغوط الدولية ستنعكس في الوضع العراقي، بالتزامن مع التوجهات التي اظهرتها الانتخابات في الحالة الشيعية العربية بقوة.
وتؤكد مصادر ديبلوماسية في موسكو، ان استمرار الضربات الاسرائيلية على مواقع ايرانية في سوريا، مُنسَّق مع الروس. وبالتالي سيبقى التعاطي العسكري الاسرائيلي مع ايران في سوريا على هذا النحو، حيث لا حرب مباشرة محتملة بين الطرفين، وان الوضع العسكري بينهما يبقى تحت السيطرة. اذ ليس هناك من رغبة بالحرب من جانب اي من الطرفين. وهما يدركان انه في ظل التعقيدات في المنطقة، ووجود قوات اجنبية في سوريا وتدخل تركي، ونفوذ خليجي، فان اي حرب ستكون واسعة، وستكون مدعومة من واشنطن وموسكو، وستشكل خطراً على العالم بأسره.
وبالتالي، الحرب بين اسرائيل وايران مستبعدة، وستبقى العمليات بينهما محدودة تلافياً لزيادة التعقيدات التي تلف كل قضايا المنطقة. ثم انه بعد ما حصل من تدويل للأزمة السورية، ووجود الجيشين الاميركي والروسي على الارض، فان هذين الطرفين لن يسمحا بعمليات تخرج عن السيطرة في منطقة وجودهما.
وتؤكد المصادر ايضاً، ان اسرائيل تدرك في الواقع، ان امنها مضمون من كل من الولايات المتحدة وروسيا قبل كل شيء، وليس فقط مضموناً من الاميركيين. وتدرك ان ليس من خطر محدق بها، لكنها ترى ان لديها مصلحة في ان تؤدي دور الضحية لتغطي على جرائمها ضد الفلسطينيين واعمالها التي تتناقض والقرارات الدولية، من هنا هي ترفع الصوت بأنها ضحية ومُعتدى عليها، وهي دائماً وعلى مر العقود كانت عدائية ضد العرب والحقوق العربية.