«أي مسّ بحياة أو سلامة وكرامة سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم سيفتح الأمور على مدى المكان والزمان على احتمالات لا يستطيع أحد توقع مخاطرها ونتائجها»، هذا تهديد عياناً بياناً لمملكة البحرين صدر بالأمس عن حزب الله، ليست المرّة الأولى سبق وهدّد حزب الله البحرين مرّات عديدة ربما كان آخرها في حزيران العام الماضي عندما سحبت السلطات البحرينية الجنسية البحرينيّة من الشيخ عيسى قاسم الوكيل الشرعي للمرشد الإيراني علي الخامنئي، يومها هدد حزب الله في بيان بأنّ «سحب جنسية الشيخ قاسم خطوة بالغة الخطورة وخطة السلطات البحرينية تدفع الشعب البحريني إلى خيارات صعبة ستكون عاقبتها وخيمة على النظام»!
من يتذكّر ذاك الخطاب الصاخب لأمين عام حزب الله حسن نصر الله بُعيْد إعدام ذراع إيران في السعوديّة نمر النّمر مطلع العام 2016، من يتذكر إطلالته يوم الأحد 3 كانون الثاني على اللبنانيين وعبرهم على المنطقة فاقداً صوابه، وهذه هي المرة الثانية التي يظهر فيها نصرالله على هذه الصورة، الأولى كانت في آذار العام الماضي بعد يومين فقط على بدء التحالف العربي عاصفة الحزم، سنجد أنفسنا مجدداً في مواجهة غضب أمين عام حزب وهتاف «الموت لآل سعود»، بيان حزب الله بالأمس حمّل المسؤوليّة لنظام آل سعود الإرهابي، للمناسبة كل صراخ أمين عام حزب الله وتهديداته لمنع إعدام ذراع إيران في السعوديّة ذهبت أدراج الرياح، وكل تهديداته في وجه البحرين لحماية وكيل الخامنئي ذهبت أدراج الرياح، عندما يتعلّق الأمر بأمن الدول القومي ما هو محلّ حزب الله من الإعراب؟ إيران نفسها بكلّ التهديدات التي أطلقتها في وجه السعودية بعد إعدام نمر النمر لم تصرف سوى في الهواء ولم تعدو كونها هراء ليس إلا!
من يتذكّر ذاك الخطاب الذي تذكّر فيه نصرالله مصطلح حوار وطرح سؤالاً مرمّزاً على جمهوره قال «لماذا الإصرار على الإعدام وفي هذا التوقيت الآن وفي هذه الظروف الموجودة بها المنطقة؟ لماذا؟»؛ وغلّف نصر الله يومها هذا السؤال تجميليّاً بالحديث عن وجود إمكانية أن يقبل النظام في السعوديّة بـ»حوار سياسي مع إيران ومع دول المنطقة ومع القوى السياسية الأخرى، وحوار في اليمن وحوار في سوريا وحوار في العراق، وحوار في المنطقة، وحوار في البحرين وحوار في ليبيا»!!
منذ وصول الخميني إلى الحكم قام الشيعة في البحرين على مدى ثلاثة عقود بثلاث محاولات انقلابية للوصول إلى الحكم: الأولى: في بداية الثمانينات، وكان التيار الشيرازي هو المسؤول عن هذه المحاولة، وقد كانت محاولة ساذجة لقلب الأوضاع في البلد عن طريق إدخال أسلحة ومتدربين (تدربوا في معسكرات خاصة في إيران). وكان المنظّر الرئيسي للمحاولة هو هادي المدرّسي. وقد تمكنت السلطة من ضرب المخططين للمحاولة، وتم اعتقال وسجن العشرات في ديسمبر عام 1981م، ولجأ مئات آخرين من شباب الشيعة إلى الخارج.
الثانية: في أواسط التسعينات (1994-1996)، حيث قاد هذه المحاولة هذه المرة الفرع البحريني لحزب الدعوة، وقادة هذا الحزب هم الذين شكلوا فيما بعد جمعية الوفاق التي رأسها الشيخ عيسى قاسم، أكبر الجمعيات السياسية الشيعية، واعتمدت هذه المحاولة على إحداث البلبلة والفوضى وإشعال الحرائق، لتحفيز الشيعة على القيام بثورة شاملة، محاكاة لثورة الخميني. وقد تمكنت السلطة من إخماد هذه المحاولة.
الثالثة: وهي التي بدأت يوم 14 شباط 2011 في محاولة واضحة لمحاكاة ثورات الربيع العربي. وكان العامل الرئيس في فشل هذه المحاولة تصدي النصف الآخر من الشعب (السنّة) لهذه المحاولة ذات البعد الطائفي الواضح، ثم دخول قوات درع الجزيرة للبحرين في آذار 2011.
حمى الله البحرين ولبنان والعالم العربي من الأخطبوط الإيراني وأذرعه التي سنرى يوماً تلو الآخر مشاهد قطعها حتى تنطفىء نيران فتنة الفرس التي تظنّ إيران أنها قادرة على إشعالها بعد أكثر من ألف وأربعمائة عام على انطفائها، وستبقى مهما نفخوا في مراجلها!