كل الدلائل والمؤشرات تؤكد أنّ المشروع الإيراني بدأ مرحلة العدّ العكسي… فلماذا؟
نبدأ أولاً بالعراق، حيث اعتبر مقتل قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري قاسم سليماني، ومعه ابو مهدي المهندس، بصواريخ أطلقتها طائرة من دون طيّار، بواسطة فتاة في الجيش الأميركي في ميامي، ومن خلال كبسة زر على «الكومبيوتر» عملية نوعية، ونقطة تحوّل أساسية، تنذر الايرانيين، بأنّ أميركا قرّرت وقف السيطرة الايرانية على العراق، ولا ننسى أنّ تعيين رئيس حكومة عراقية جديدة بعدما كان مديراً للمخابرات، وآتياً من الجيش بعد تعثّر تشكيل حكومة لمدة طويلة بدءًا بعلاوي، دليل على التصميم الاميركي على تقويض النفوذ الايراني.
إن هذه الأزمة في العراق، وما تلاها مؤشر على انه قد حان الوقت ليعود العراق الى سابق عهده. ويبدو أنّ الايرانيين ظنّوا انهم يستطيعون التحكم بالشعب العراقي، وتناسوا أو ربما ظنّوا أنّ الطائفية أهم وأقوى من الوطن نفسه.
الشعب العراقي ليس طائفياً، مهما حاولوا أن يحشروه في خانة الطائفية، وأكبر دليل على ذلك أنّ الحرب التي خاضها الرئيس صدّام حسين لمدة 8 سنوات ضد الايرانيين كان عنوانها الأساسي «الشعب العراقي الوطني».
أمام رئيس الحكومة الكاظمي طريق طويل، لكنه بدأ بخطوات جريئة باعتماده على الجيش وهذا أكبر دليل أنه سلك الطريق المستقيم والطبيعي، لاستعادة العراق من الايرانيين.
من ناحية ثانية علينا أن نراقب ماذا يجري في إيران؟
ثلاثة أحداث البارحة كان لها مدلول واضح على صعيد التغيّرات التي نتحدث عنها.
أولاً: قيام إسرائيل بعملية عسكرية، إذ قامت طائرات الـ»اف/16» بضرب مفاعل نووي متطوّر ترددت إيران بالإعلان عنه، ولكن يبدو أنّ بعض وسائل الإعلام الإيرانية التي تعتبر معارضة للنظام فضحت العملية.
ثانياً: تعرّض وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف لأعنف هجوم في البرلمان الايراني، إذ وصفه النواب بأنه كذاب، ما اضطره للدفاع عن نفسه، فيقول إنه مدعوم من المرجعية الكبرى آية الله خامنئي، وهو يطلع المرجعية على كل الأعمال التي قام ويقوم بها بالنسبة للمفاوضات حول الملف النووي.
ثالثاً: لم يسلم الرئيس روحاني من النقد، واعتبروه فاشلاً وغير جدير بالحكم، خصوصاً بالنسبة للملف الاقتصادي ومعالجة الجوع والفقر وتردّي الأوضاع المعيشية في إيران، مع ارتفاع سعر الصرف حيث وصل الدولار الى أسعار خيالية بالنسبة للعملة الوطنية «التومان» إذ وصل سعر الدولار الى 22 ألفاً وأكثر مقابل التومان.
كذلك فشل الدور الذي تلعبه إيران في سوريا، حيث تبيّـن أنّ كل الأموال التي دفعتها إيران والاسلحة لدعم نظام الأسد ذهبت أدراج الرياح، سيما وأنّ مبعوث نائب وزير خارجية روسيا برودغانوف قام بزيارة الى قطر، واجتمع مع رئيس الإئتلاف السوري المعارض، وبحث معه في الدستور الجديد الذي تنوي روسيا طرحه إذ انّ هناك دستوراً جديداً وانتخابات نيابية وتأليف حكومة، تدخل المعارضة السورية فيها، وهذا ما لا يقبله الأسد… لذلك فإنّ روسيا سوف تتخلى عن الأسد الذي لم يعد له مكان في سوريا الحديثة.
والروس يريدون الاتفاق مع الاميركيين لأن هناك مرحلة جديدة هي مرحلة الإعمار، والتي ستكلف حوالى 600 مليار دولار أميركي ولا مكان للأسد فيها.
هذه بعض المعلومات القليلة لكن هناك معلومات إضافية سوف نذكرها لاحقاً.
أخيراً، انتهى عصر ادعاء آية الله خامنئي بأنه يسيطر على 4 دول عربية هي العراق وسوريا واليمن ولبنان.
لقد بدأت مرحلة جديدة، وها هي ذي مؤشراتها تلوح في الأفق، وأنّ غداً لناظره قريب.
عوني الكعكي