Site icon IMLebanon

النظام الإيراني يجر بلده إلى كارثة

 

سعى النظام الإيراني إلى تصدير «الثورة» الخمينية أو «الإسلامية» كما يسميها بنكهة صفوية إلى دول الجوار السني وزعزعة السلم المجتمعي فيها، عبر تهييج النعرات الطائفية في المنطقة.

فقد دأب النظام الإيراني على جر المنطقة إلى النزاعات والحروب منذ حرب الخليج الأولى، مما يتسبب في متاعب ومشاكل لجيران إيران، بدءاً من عرقلة الملاحة في الخليج العربي والتهديد بإغلاق مضيق هرمز، إلى عرقلة الملاحة التجارية من خلال أعمال إرهابية مثل إعطاب أربع سفن تجارية في الخليج العربي، من خلال الإيعاز لعناصرها في المنطقة بالعمل التخريبي، الذي يهدد الملاحة البحرية.

كثرة الخلافات الأميركية الإيرانية، رغم ارتباطهما بعلاقات قديمة تعود إلى أواخر القرن الثامن عشر، فقد كانا على خلاف دائم بسبب سياسات حكام طهران وأطماعهم، بالإضافة إلى العقدة الفارسية المعروفة ومحاولة إعادة أمجاد كسرى، حتى بعد سيطرة النظام الملالي نظام ولاية الفقيه والذي زعم أنه نظام إسلامي، إلا أنه حرص على إظهار النعرة الفارسية وإذكائها حتى لدى أتباعه من الأمم الأخرى، فحصر الزعامة الدينية في الذين هم من أصول فارسية خالصة، وتعامل مع أتباعه من الأمم والقوميات الأخرى، كخدم وأتباع له، وطبعاً العرب ليسوا استثناء من الغطرسة والاستعلاء الفارسي.

العلاقات الإيرانية الأميركية، التي تنقلت بين التوتر والجمود والمهادنة، لم تشهد هدوءاً إلا في عهد رضا بهلوي، باعتباره كان موالياً لأميركا، فقد كان على وفاق تام مع الأميركان الذين ساعدوه في تثبيت أركان حكمه، لدرجة أن قدّمت واشنطن دعماً غير محدود للشاه، وعليه تأسس جهاز المخابرات السرية «سافاك»، وإن كانت تخلت عنه في انقلاب أنصار الخميني عام 1979، الأمر الذي تسبب بظهور الحالة الخمينية، والتي أفسدت الحياة السياسية والدينية في منطقة الخليج والعالم.

الحوار مع أميركا لم يكن محرماً في سياسة المرشد، وإن كان يكيل الشتائم لها ويصفها بـ«الشيطان الأكبر».

فالحوار بقيت إيران تستخدمه كشعرة معاوية، خاصة في فترة رئاسة الرئيس الإيراني الأسبق خاتمي، التي دعا فيها إلى «حوار مع الأميركيين» رغم أنها «الشيطان الأكبر» عند مرشده.

مراحل الاستعداء لأميركا من النظام الإيراني كانت كثيرة، ليست فقط حالة الاستفزاز الإيراني باحتجاز الدبلوماسيين الأميركيين في السفارة الأميركية في طهران عام 1979 لمدة 400 يوم في سابقة خطيرة ومخالفة لاتفاقية جنيف الدبلوماسية، ومطالبة أنصار الخميني بمبادلة شاه إيران رضا بهلوي بهم، فالتباعد الإيراني كانت له مظاهر كثيرة ليس آخرها الملف النووي الإيراني، حيث قامت إيران بخرق الاتفاق في بنود كثيرة، وزادت من حجم تخصيب اليورانيوم.

والآن في عهد الرئيس ترمب ونهجه الخاص والمختلف عن سابقيه من الرؤساء الأميركان، خاصة أن الإدارات السابقة وبالذات إدارة أوباما كانت متهمة بالتساهل والتعاون مع إيران، فهي التي تركت ساحة العراق للميليشيات الإيرانية تعبث فيها كيفما تشاء، وهي من كتب بنود الاتفاق النووي الذي يراه الرئيس ترمب بأنه مخز وغير كافِ.

وفي ظل هذه الحشود العسكرية وتحريك القطع الضخمة، من حاملات الطائرات مثل «أبراهام لينكولن» والقاذفة بي – 52 ستراتوفورتريس، التي هبطت في قاعدة السيدية القطرية دون أي تصريح من الحليف القطري لإيران، وخاصة أنه لو اندلعت الحرب فإن انطلاقها سيكون من قطر، حليف إيران الهش، بعد أن صاحبها وصول المستشفى العسكري الأميركي Mercy – class إلى الخليج، وانتشار عسكري أميركي غير مسبوق في المنطقة، في ظل تصعيد إيراني مقابل، حيث قال نائب قائد الحرس الثوري الإيراني محمد جوكار إن «صواريخه قادرة على الوصول إلى السفن الحربية الأميركية في الخليج». وهذا يضعنا أمام مواجهة عسكرية حتمية أميركية – إيرانية على الأبواب، وموعد انطلاقها مسألة وقت، ولا أعتقد أنها لمجرد التهديد بالحرب، رغم إن ترمب أبلغ مستشاريه بأنه لا يريد الزج بالولايات المتحدة في حرب مع إيران، مع ظهور الوسيط السويسري، أولي ماور مهرولا إلى البيت الأبيض، في محاولة التوسط بين الولايات المتحدة وإيران، بعد إعلان ترمب رغبته في أن يتواصل معه أحد قادة إيران هاتفياً، فجاءت الإجابة الإيرانية المعلنة من حكام طهران أنه «لا أحد في إيران سيتصل هاتفياً بترمب مهما حاول». بينما الحقيقة غير ذلك، وهي أن وفود إيران لن تقف عند الرئيس السويسري، لأن إيران فعلياً غير قادرة على خوض حرب مع أميركا، وهي تعرف أنها ستسحق، فهل تسير نحو كارثة.