Site icon IMLebanon

الاتفاق الإيراني – السعودي: أسوأ كوابيس معراب في ما لم يُعلن

 

آخر ما كان يريده سمير جعجع الانفراج بين طهران والرياض واتفاقهما على احتواء التوتر في الإقليم. يحضر هذا الواقع في كواليس معراب ويشكّل أسوأ كوابيسها، وتعمل على «مواجهته» عبر خطين: الأمل بألا ينسحِب الاتفاق بما لا تشتهيه معراب، ومحاولة احتواء التعارضات داخِل ما يُسمى قوى المعارضة في مجلس النواب للاستفادة من وحدتها كورقة ضغط.

 

لا تركن معراب إلى الجانِب المُعلن من الاتفاق في البيانات الرسمية. خشيتها الحقيقية تكمن في ما لم يُعلَن عنه، ولا يمكن السفير السعودي في بيروت وليد البخاري تقديم ضمانات حياله، اللهم إلا باستخدام عبارات ديبلوماسية فضفاضة. لذلك، وعلى رغمَ اقتناع غالبية القوى السياسية بأن التقاطع الإيراني – السعودي لن يُفضي إلى نتائج سريعة في الملف اللبناني، إلا أن هذا المُستجِدّ الذي سيكون قيد الاختبار في الأشهر المقبلة يقضّ مضجع جعجع، خصوصاً إذا ما أسّس لتفاهمات أوسع من المدى اليمني.

 

مع ذلك، لا يتوانى القواتيون عن إقناع أنفسهم بـ«تطمينات»، مثل أن الرياض ترفض إدخال لبنان في أي مقايضة مع إيران، خصوصاً في الملف الرئاسي. ومن المفارقات أن معراب تميل إلى إقناع الآخرين – من دون أن تكون مقتنعة ضمناً – بأن الاتفاق عبارة عن «تنازلات من الجانب الإيراني وحده»، على ما تقول الإشاعة الرائجة اليوم بأن «الاتفاق سيأتي على حساب حلفاء إيران في المنطقة، وفي لبنان تحديداً. إذ سيكون هذا الفريق مجبراً على خفض سقف تصعيده الإعلامي والسياسي ضد دول الخليج، والتوقف عن السياسة العدائية أمنياً وعسكرياً، فضلاً عن ضمور للدور الإيراني من اليمن إلى لبنان مروراً بكل الساحات».

لكن ماذا ستقدّم الرياض مقابل ذلك؟

 

فيما يتعيّن على معراب أن تكون حذرة وتفكّر جدياً في الإجابة عن هذا السؤال، تواصل الاختباء خلفَ ما قاله البخاري لجعجع خلال لقائهما في معراب قبلَ أيام. صحيح أن السفير السعودي أكد أن «مواقف المملكة ثابتة تجاه لبنان ولن تتغير ولا تأثير سلبياً للتسوية السعودية – الإيرانية على لبنان». إذ يفسر القواتيون ذلك بأن «لا تسوية على حسابهم»، وأن «حلفاء إيران في لبنان لن يستطيعوا فرض المرشح الذي يدعمونه أو أي إميل لحود آخر، بالتالي أصبحَ تهديد رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بعيداً». وثمة في معراب اليوم «معلومات مؤكدة» عن أن فرنجية «فقد الكتف الغربي» الذي يستنِد إليه، أي الفرنسيين، بحجة أن «باريس تراجعت عن فكرة المقايضة أمام تصلّب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الاتصال الأخير بينه وبين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون». لكن، بمعزل عن دقة هذه المعلومات أو عدمها، يبقى منشأ الأزمة عند معراب في الإحساس بتهديد قد تفرضه المصالِح الجيوسياسية بما يؤدي إلى تواطؤ «إيجابي» بينهما في الملف اللبناني على قاعدة لا غالب ولا مغلوب. وحكماً، في التركيبة اللبنانية، لا يُمكن أن تكون الرئاستان الأولى والثالثة من حصة فريق واحد، أي أن بعبدا لن تكون من حصة الفريق الحليف للرياض. وإن لم يكُن فرنجية في بعبدا، فحتماً لن يكون من يرشحه سمير جعجع.

هذا الواقع يضَع جعجع أمام تحدّ وحيد، وهو ضمان بقائه ناخباً أساسياً في اللعبة السياسية. لكن كيف؟ يُدرك الرجل أن ذلك لا يتحقّق باستعراض شعبيته من خلال مهرجانات سياسية ولا من خلال تسجيل انتصارات «وقتية»، بل إن «هجومه الدفاعي» ينصبّ هذه الأيام على توثيق التحالف مع الأحزاب الأخرى من كتائب ومستقلين وتغييريين للتكتّل خلفَ اسم موحد للرئاسة وبرنامج مشترك بما يجعلهم رقماً صعباً في أي تسوية آتية. وإذا كانت العلاقة مع الصيفي تأخذ المنحى الذي يشتهيه جعجع، إلا أن التحالف مع الآخرين لا يزال يحتاج إلى جهد شاق. وهذا المكسب الذي يهدف إليه جعجع، مرده القرار المعرابي بعدم الذهاب إلى تحالف مع التيار الوطني الحر. إذ لا يزال جعجع يرفض أي تحالف رئاسي مع النائب جبران باسيل الذي، من وجهة النظر القواتية، «يريد أن يبتز حزب الله بالورقة المسيحية لتعبئة رصيده الذي نفد في حارة حريك، وهذا «ما لن يتصدّق به جعجع عليه مهما حاول».