IMLebanon

ساعات حاسمة لمعرفة موقع لبنان في الإتفاق الإيراني ـ السعودي؟ إنتظار لعودة البخاري…

 وعبد اللهيان يحمل ملفين «إقتصادي وسياسي» طهران لا تفاوض الرياض لكنها مُستعدّة لتبديد هواجسها اللبنانيّة 

 

قد تحمل الساعات القليلة المقبلة بعض الاجابات على الاسئلة المبهمة المرتبطة بتاثير التقارب الايراني – السعودي على الساحة اللبنانية. وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان في بيروت للقاء المسؤولين اللبنانيين، وقد حُدّدت له اليوم الخميس ثلاثة مواعيد مع كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب، واللقاء مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من البديهيات. بعده بساعات يعود السفير السعودي الوليد البخاري من اجازة عيد الفطر، ومن المقرر ان تكون له سلسلة لقاءات ابرزها مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، فهل ستكون «الصورة» اكثر وضوحا، خصوصا لجهة الموقف السعودي «المبهم» والذي تطاله الكثير من التاويلات؟

 

لا احد يعرف الجواب، وفي انتظار تبلور الموقف السعودي في الساعات القليلة المقبلة، تشير اوساط ديبلوماسية الى ان وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبد اللهيان يحمل ملفين في جعبته، اقتصادي وسياسي، وهو يأمل على المستوى الاقتصادي،ان يلقى تجاوبا رسميا لبنانيا اكبر مع الجهود الايرانية لتقديم المساعدة الاقتصادية للبنان، لان المناخات الحالية اقليميا تبدو مختلفة جدا عن الزيارة الماضية، فقبل الاتفاق في بكين مع السعودية شيء وما بعده شيء آخر، ولهذا يحمل رئيس الديبلوماسية الايرانية «رسالة» مفادها بان على لبنان الاستفادة من المناخات الايجابية لايجاد التسويات الملحة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وعدم انتظار الخارج مهما تكن هويته، لان الاولويات قد تكون مختلفة، ولهذا من وجهة نظر الايرانيين على اللبنانيين التحرك لفرض اجندتهم على الخارج لا العكس، لان الانقسام الداخلي لا يساعد في خلق مناخات ايجابية يمكن البناء عليها للخروج من النفق الحالي.

 

لن تكون الزيارة بعيدة عن التطورات والمناخات الايجابية في المنطقة، ولهذا لا تأتي الزيارة هذه المرة في اطار التنافس مع السعوديين على النفوذ على الساحة اللبنانية، بل التكامل لايجاد المخارج المناسبة للازمة الحالية، دون اغفال وجود لاعبين آخرين مؤثرين للغاية، خصوصا على صعيد التقدم الاقتصادي والمالي، وهنا تلعب واشنطن دورا مركزيا في المساعدة على حلحلة الامور او تعقيدها، ولا تملك طهران في هذا السياق اي قدرة على التأثير، لان الامر مرتبط بقدرة الولايات المتحدة على الامساك بمفاتيح اقتصادية رئيسية قد توجع بعض المسؤولين اللبنانيين القلقين من سيف العقوبات المسلط فوق رؤوسهم، اذا اتخذوا اي قرار بعيدا عن «الرضى» الاميركي.

 

لكن هذا لن يمنع رئيس الديبلوماسية الايرانية من حض رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي على اتخاذ خطوات اكثر جراة باتجاه الانفتاح على العروض الايرانية الاقتصادية التي لا تزال على «الطاولة»، وهو يراهن على تحسن العلاقة مع السعوديين لعلها تترك آثارا ايجابية على الموقف الرسمي اللبناني. لكن مصادر لبنانية بارزة لا تعوّل كثيرا على هذه المناخات، لان الموقف اللبناني يبقى متأثرا على نحو خاص بما تريده واشنطن، وحتى الآن لا يزال «الفيتو» على حاله، ولم تعط واشنطن اي «ضوء اخضر» يسمح بهامش صغير «للمناورة» امام الحكومة اللبنانية!

 

طهران التي يتحرك رئيس ديبلوماسيتها باريحية اكبر، لن تتخلى عن مسؤولياتها تجاه لبنان، كما تقول الاوساط الديبلوماسية، وسيكون عبد اللهيان صريحا مع المسؤولين اللبنانيين لجهة عدم رغبة طهران في التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، وعدم الرغبة ايضا في ادارة اي عملية تفاوض مع السعوديين حول لبنان، لكن هذا لا يعني عدم الدفع بالملف اللبناني الى واجهة الاهتمام ووضعه على «نار حامية»، وهذا ما تقوم به طهران في هذه المرحلة، حيث سيتم وضع الجانب اللبناني بطبيعة الاتصالات حول الملف مع الرياض، مع التأكيد على محاولة دفع الامور قدما نحو الامام دون اتخاذ صفة المحاور، وانما الطرف الحاضر لتبديد اي هواجس سعودية لا تزال تعيق وضع قطار الحل اللبناني على «السكة»، وطهران جاهزة اذا كانت قادرة على ذلك.

 

اما «الرسالة» الى الحلفاء فستكون واضحة كما في السابق،اولا الدعم المطلق في مواجهة الاعتداءات «الاسرائيلية»، وثانيا «لا تسويات على حسابكم او مقايضات»، فحزب الله في الشق المرتبط بتحسن العلاقة مع السعودية لم يكن مكلفا باي مهمة كي يبطل مفعولها الآن، بل المشكلة الاساسية من قبل الرياض تجاه الحزب سببها الازمة مع طهران وليس العكس، وطالما ان العقدة المركزية قد حلت وبدأت النتائج الايجابية تبصر النور انطلاقا من تعزيز العلاقات الثنائية، وفكفكة «الغام» الحرب في اليمن، فان التوتر مع المملكة سيضمحل مع الوقت، ولن تعود ثمة مشكلة سعودية مع الحزب، وهذا سيساعد حكما في حلحلة الامور المعقدة.

 

ولهذا لن يحمل عبد اللهيان الى الحلفاء، وخصوصا «الثنائي الشيعي»، اي دعوات للتراجع عن مواقفهم حيال بعض الملفات الداخلية، وفي مقدمها الملف الرئاسي، بل سيكون مستمعا لوجهة نظرهم في هذا الاستحقاق وكيفية مقاربتهم للموقف، ومستوى التعقيدات الداخلية التي تعيق التقدم في انجازه، وفي المقابل سيضعهم على بينة من موقف طهران المشجع للمبادرة الفرنسية، على الرغم من عدم وجود تنسيق عالي المستوى بين الجانبين بسبب التعقيدات الحالية في العلاقة في ملفات اخرى مرتبطة باوكرانيا، وملف الموقوفين الفرنسيين في طهران، وغيرها من القضايا العالقة، لكن طهران ستشجع حزب الله على تعزيز التواصل مع الفرنسيين طالما بقي طرحهم منطقيا، ويراعي التوازنات السياسية في البلاد، كما سيسمع بري كلاما مشابها.

 

في الخلاصة، فان ايران التي يزور رئيسها ابراهيم رئيسي سوريا مطلع الشهر المقبل، تشعر انها قد نجحت في فك عزلتها الاقليمية، وهي في موقع متقدم يسمح لها بتحقيق المكاسب لا تقديم التنازلات، وهذا ينعكس على حلفائها ايضا، لكن هذا لا يمنع حصول تسويات مريحة لجميع الاطراف، ولهذا ستكون دعوتها للانفتاح والحوار على الآخر جزء من استراتيجيتها للمرحلة المقبلة.

 

ويبقى الانتظار سيد الموقف لمعرفة انعكاسات زيارة عبد الليهان والعودة المرتقبة للسفير البخاري على الواقع السياسي المحلي، فاما نكون امام بداية حلحلة جدية تنتهي بتفاهمات صغرى تكون ملحقا للتسويات الكبرى، او تتعمق الازمة وتتعقد بانتظار تطورات قد تكون هذه المرة دراماتيكية!