لم يعد يجدي الإصغاء لكلام أمين عام حزب الله في أي إطلالة، فهو يتصرف بوصفه «الخاطف الأرعن» وعلى طريقة المستعدّ لتعريض سلامة المخطوفين لكلّ أنواع المغامرات والتدمير من أجل مشروعه، ومن لم يتبصرّ بعد ظهور مشروع هوية لبنان ودولته وشعبه، فهو مصاب بعمى القلب قبل عمى البصر!!
يُنسب الى الرئيس الأميركي جيمي كارتر، تشبيهه للبنان في العام 1978 بـ»القنفذ» الذي يخزك بأشواكه من أين أمسكت به، لبنان اليوم في وضع لا يحسد عليه، وما يزال في حالته «القنفذيّة»، وربّما يشبه هذا الوضع وضع لبنان في مطلع ثمانينات القرن الماضي ما بعد اغتيال الرئيس بشير الجميل عام 1982 وتهجير القوات المتعددة الجنسيّة عام 1983، ثمّ الانقلاب الذي نفذته الميليشيات الشيعية بتوجيه ورعاية خمينية ـ أسدية في 6 شباط 1984، بعد ذاك التاريخ امتدت أعوام ثمانية كأنها اليوم بنفس الأسماء ونفس اللاعبين، تلك المرحلة التي أفضت إلى حرب مدمّرة تلاها اتفاق الطائف والذي لم يجرؤ معه أحد على تخليص لبنان من الاحتلال السوري!!
«اتفاق الطائف» كان حلاً وهمياً، وهو يشبه مركباً من صنعه تركه مليئاً بالثقوب والعيوب، بعده قايض علينا العرب وأميركا مقابل مشاركة رمزية سورية صوريّة في «عاصفة الصحراء» لاستعادة الكويت من يد صدام حسين، ومجدّداً لبنان اليوم متروك للفراغ وللإنهاك، كأنّ المطلوب أن يستنزف حتى آخر قطرة ليخضع ويقبل بـ»الطائف الإيراني» وتسويات المنطقة التي لم يحن موعدها بعد!! وعلينا الإعتراف بأنّ دول الخليج العربي التي تركت لبنان لقدره مع الاحتلال السوري، تعيش ذعراً من خسارة أمنها بعدما باتت إيران مقيمة في «عبّ» هذه الدول، ومنذ أحكمت إيران قبضتها على لبنان استطاعت إحكام قبضتها على المنطقة انطلاقاً منه وهذه هي الحقيقة الإقليميّة، التي تكابر دول الخليج العربي على الاعتراف بها!
عاد أمين عام حزب الله للحديث عن خزّان الأمونيا في حيفا ومفاعل ديمونا في النقب، وهذه نفسها كان هدّد في 20 شباط الماضي بقصفها، يوم الأحد الماضي أعاد الحديث عن مفاعل ديمونا وهذا نوع من جنون «الحزب اللاهي»، حيث أن الغبار الذري المنبعث منه والذي يتجه نحو الأردن يمثّل خطراً بيئياً وبيولوجياً، كما من المتوقع في حال انفجاره أن يصل الضرر الناتج عنه لدائرة نصف قطرها قد يصل إلى قبرص وبنفس هذه المسافة في دائرة حوله، بمعنى آخر مفاعل ديمونا قد يتسبب قصفه بتعرّض المنطقة لكوارث بالجملة وليس لإسرائيل فقط!!
ما زالت المنطقة في لحظة مواجهة حاسمة وفي مخاض عسير على أرض لبنان وسورية و»الشام» بكلّ رمزيتها التاريخيّة في مواجهة «الكوفة»، هي لحظة تتواجه فيها «أمّتان»: «أمة إيران» و»الأمّة العربية والإسلاميّة»، ومع هذا لم يستدرك اللبنانيون هذه المرة أيضاً ـ وعلى جري عادتهم ـ فجعلوا «أمّة إيران» جزءاً من حكومة لبنان؟! أليس هذا ما ردّ به نصرالله يوم الأحد الماضي على كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مؤتمره الصحافي مع رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، متباهياً بأن حزبه جزء من الحكومة اللبنانيّة!
تتراكم أخطاء الدولة اللبنانيّة، والحكومة العاجزة التي لا تملك في مواجهة دول العالم المستنفرة في وجه حزب الله وعلى الدولة اللبنانيّة مطالبينهم بأمر واحد «تفهّموا وضعنا»، إلى متى قد تتفهم الدول الخليجيّة وضع الدولة اللبنانية العاجزة حتى عن مطالبة حزب الله بوقف دسّ إرهاب خلاياه في جسد هذه الدول وآخرها الكويت؟!