IMLebanon

الحلف الإيراني ـ التركي المستجدّ

 

اقتضت المصالح العليا الحدويّة والقوميّة التي تهدّد بزعزعة استقرارهما أن يلتقي «العجميْن» التركي والفارسي في طهران ضدّ أعجميّ ثالث هو «الكرد»، المختلفيْن في النظام السوري وبشّار الأسد متفقيْن على الأكراد، فهل هناك أسوأ وأقذر من تلاقي المصالح في العلن بعدما كانت تتلاقى تحت الطاولة، وليس بخفيّ دور قطر في جمع الضدّين العثماني والصفوي الجديد على الرغم من العداء التاريخي بين التركي والفارسي؟! مساكين أكراد العراق رماهم الخامنئي بتهمة الخيانة، وصبغة «إسرائيل» الثانية جاهزة لإعلان الحرب والتحالفات ضدّهم قائمة على قدم وساق من بغداد إلى أنقرة إلى طهران، ما بعد «الأمن القومي ما ينبت حشيش»!

 

وبحسب مذكرات جواهر لآل نهرو عن اعترافات حكومة أنقرة، فقد بلغ عدد القتلى الأكراد بعد فشل ثورة سعيد بيران مليوناً ونصف مليون كردي، منذ قيام الجمهورية التركية الحديثة تبنى مصطفى كمال أتاتورك نهجاً سياسياً يتمحور حول إلزام انتماء الأقليات العرقية المختلفة في تركيا باللغة والثقافة التركية وكانت من نتائج هذه السياسة منع الأقليات العرقية في تركيا ومنهم الأكراد من ممارسة لغاتهم في النواحي الأدبية والتعليمية والثقافية ومنع الأكراد من تشكيل أحزاب سياسية وكان مجرد التحدث باللغة الكردية عملاً جنائياً حتى عام 1991، كان مجرد تلفظ كلمة أكراد يعتبر عملاً جنائياً إذ كان يطلق على الأكراد مصطلح «شعب شرق الأناضول»!

وقف الفاروق عمر رضي الله عنه يوماً وهو يخاطب جموع العرب المتوجهين لتحرير العراق فقال: «احذروا العجم فإنهم غَدَرة مَكَرة»، وللعجم شعار مشهور: «إسقاط ألف صديق أهون من إسقاط عدو واحد»، تجرّأت تركيا خلال الأزمة القطريّة على عرض إقامة قواعد عسكرية على أراضي المملكة، وليس سرّاً أنّ حلم السلطنة العثمانية يراود رجب طيّب أردوغان، والسباق بات علناً وعلى أشدّه  بين الأتراك والفرس لوضع اليد على الحرميْن الشرفيْن!

لا يستقرأ العرب التاريخ للأسف، لطالما استهان بهم الفرس ومارسوا تجاههم سياسة العدوان والتوسّع، تركيا الأردوغانيّة دخلت من حيث لم يتنبّه العرب من بوّابة الإخوان المسلمين الذي ظلّ تمويلهم من الخليج ونفطه، حتى جُنّت تركيا كإيران وظنّت أنّ بإمكانها استعادة سيطرتها على مصر التي «قطع لها ورقة» الألباني الذي أرسله العثمانيّون ليحكموا به مصر فاستقلّ بها عنهم، وما زالت محاولات أردوغان مستمرّة، من يذكر تصريحاته في بدايات الثورة السوريّة منذ لن نسمح بحماه ثانية ولا بحلب حتى أسفرت الأحداث عن أنّ هذه التصريحات لا تعدو كونها «هوبرة» فارغة، من يتذكّر اليوم سفينة مرمرة؟ وعنترياته على إسرائيل التي انتهت بإعادة تطبيعه العلاقات مع إسرائيل، ليتفرّغ لزعزعة أمن مصر بالتكافل والتضامن مع إيران التي تتولّى زعزعة أمن المنطقة والمملكة العربيّة السعوديّة.

الأكذوبة الكبرى التي استنبطها العرب كانت الحديث عن شيعة العرب وشيعة الفرس، والتجربة منذ ثمانينات القرن الماضي تكشف أنّ أكثر المبتهجين والموالين للخميني هم شيعة العرب، فيما كثير من شيعة الفرس كانوا يقتلون على يد الخميني في طهران، وقد تكون التجربة القطرية هي الأطرف إذا دار الحديث القطري الإيراني عن شراكة إقتصاديّة، وقطر كمثال تقف على حبلين رجل على الحبل التركي الإخواني ورجل على الحبل الفارسي الإيراني، وقد تركها العرب أنفسهم خنجراً في ظهورهم، فيما هم يتهيّبون من اتخاذ إجراءات صارمة بحقّ تركيا وإيران، وللمناسبة «بعد.. ياما حنشوف»!!