رغم ضجيج المفاوضات والمفاوضين لا سيما الجانب الأميركي لإبرام صفقة لإيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة، إلّا ان القناعة الوحيدة التي تلمسها محور المقاومة من جولة المفاوضات الأخيرة في الدوحة تؤكد بأن لا نيّة حقيقية لواشنطن للضغط على العدو الإسرائيلي لإبرام الصفقة وإيقاف الحرب… حتى ان زيارة الوسيط الأميركي اموس هوكشتاين الى بيروت الأسبوع الماضي قبل بدء المفاوضات عززت هذا الواقع، لا سيما انه استعمل لغة التهديد في إطار محاولته الضغط على الحكومة اللبنانية وجهات غير رسمية للانقلاب على حزب الله وإحداث فوضى في الشارع اللبناني والبدء بالمظاهرات تنديدا كما ادّعى بتفرّد الحزب بقرار الحرب والسلم، ولكن حسابات واشنطن ووسيطها اصطدمت برسالة شديدة اللهجة من الثنائي الوطني وفقا لأحد قيادييه:
أولا: الرد آتٍ من محور المقاومة وتحديدا حزب الله بمعزل عن نتيجة المفاوضات، حتى لو كانت توقف الحرب نهائيا.
ثانيا: أصبح لدى الأميركيين علم وخبر ان استهداف العدو للقائد الجهادي الكبير فؤاد شكر في قلب الضاحية الجنوبية والذي أسفر أيضا عن سقوط ضحايا مدنيين سوف يردّ عليه بالطريقة ذاتها أي «استهداف لقيادات العدو، والرد آتٍ في قلب الكيان وقد لا يكون بالإمكان تحييد المدنيين»… من هنا، فان محاولات واشنطن مع الوسيطيين القطري والمصري تصبّ في سياق النجاح بإبرام أي صفقة مع حركة حماس بشكل عاجل وإيقاف الحرب لو بشكل غير نهائي أي «هدنة مؤقتة»، حتى لا يؤدّي الرد المنتظر من قوى المقاومة الى الحرب الشاملة.
ما يلفت في كلام القيادي قوله بصريح العبارة ان إيحاء واشنطن عبر وسيطها بان إسرائيل تحتفظ بحق الرد على الرد المنتظر هو بمثابة «إعلان للحرب وتأجيجها»، ويؤكد حقيقة عدم ممارستها ضغوطا حقيقية على نتنياهو لإيقاف الحرب.
والجديد اليوم أيضا، محاولة واشنطن المكشوفة للالتفاف على القرار ١٧٠١ وفرض املاءات وشروط جديدة لتنفيذه، فيما الأهم إيحاء هوكشتاين لبعض من التقاهم بضرورة الضغط على الحكومة اللبنانية لمنع بقاء قرار الحرب والسلم في يد حزب الله كما ادّعى، وان الدولة اللبنانية معنية فورا بتطبيق ١٧٠١ وإيقاف الحرب بمعزل عن توقف الحرب في غزة، وهو ما يناقض تصريحات واشنطن العلنية وللثنائي الوطني عن اقتناع واشنطن بترابط جبهة لبنان مع جبهة غزة.
وعليه، أشار القيادي الى ان الازدواجية الأميركية في التعاطي بهذا الملف لا تنطلي على محور المقاومة، ولكن السماح بها هو «الفرصة الأخيرة» لإتمام الهدف الأول والأخير من معركة الإسناد وهو وقف العدوان بشكل نهائي على غزة وليس «بهدنة مؤقتة» كما تطالب واشنطن والعدو الإسرائيلي.
وكشف القيادي للمرة الأولى ان هناك ترقّبا حذرا في الأيام المقبلة، وان محاولات «تعطيل الرد» قد لا تدوم طويلا إذا استمرت واشنطن في المماطلة وعدم ممارسة ضغوطات حقيقية على رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وحكومته لإيقاف الحرب وتبادل الأسرى وفق شروط حماس وليس شروط العدو الإسرائيلي.
بمعنى أوضح، نحن على أبواب الحرب ، وما يفصلنا عنها هو كيفية تعامل العدو الإسرائيلي مع الرد المنتظر، ونعيد ونكرر أن هذا بمعزل عن نتائج المفاوضات التي نأمل أن تنجح في إيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة، وبمعزل عن قرارنا بالتعامل مع الأمور في وقتها، ونحن سبق وجهّزنا أنفسنا لكل الاحتمالات والخيارات «والله ولي التوفيق»…