Site icon IMLebanon

النازحون يعودون بروح التفاؤل وعزيمة لإعادة بناء ما دُمّر

 

بعد شهرين من العدوان “الإسرائيلي” الهمجي على لبنان، تم الإعلان عن هدنة بوساطة أميركية قادها المبعوث آموس هوكشتاين، برعاية الرئيس جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.

دخلت الهدنة حيز التنفيذ فجر الأربعاء، لتضع حدًا لحربٍ هي الأعنف منذ سنوات، استُخدمت خلالها ترسانة “إسرائيلية” ثقيلة لاستهداف مناطق لبنانية شملت الضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب، إضافة إلى أحياء في العاصمة بيروت مثل الخندق الغميق، رأس النبع، الحمرا والمزرعة. ومع انتهاء العمليات العسكرية، يجد اللبنانيون أنفسهم أمام تحدٍ كبير، لكنه أيضًا فرصة لاستعادة حياتهم وإعادة بناء وطنهم بعزيمة وإصرار.

على الرغم من الدمار الكبير الذي خلفته الحرب ، وعدد الشهداء والجرحى الذين سقطوا خلالها، فإن عودة النازحين إلى مناطقهم وبلداتهم تعكس الروح الصامدة للشعب اللبناني. فرح العودة، رغم المشاهد المؤلمة، يحمل معه رسالة بأن الإرادة أقوى من الدمار، وأن الأمل في المستقبل لا يمكن كسره. اللبنانيون اليوم يبدأون صفحة جديدة، يسطرون فيها قصة صمود وتفاؤل، مستعدين لبناء ما هدمته الحرب مهما كانت الصعوبات.

في الجنوب اللبناني، حيث تركت الغارات “الإسرائيلية” آثارًا عميقة على القرى الحدودية مثل عيترون وكفرشوبا، تطغى مشاهد الخراب، لكن إرادة الحياة هي الأقوى. يروي الحاج علي، أحد سكان بلدة كفرشوبا الذي ظل صامدًا رغم القصف، كيف عاش مع أسرته في غرفة صغيرة تحت الدرج لساعات طويلة خوفًا من القصف المتواصل. ورغم الدمار الذي طال المنازل والحقول، يؤكد بثقة: “هذه أرضنا، وسنبنيها مجددًا مهما كانت التحديات، لن نتركها ولن نضعف”.

أما في الضاحية الجنوبية، التي كانت هدفًا رئيسيًا في بنك الأهداف “الإسرائيلية”، فقد تعرضت العديد من المباني والمجمعات السكنية للدمار الكامل. ورغم حجم الخسائر، تؤكد السيدة زينب فقيه، التي فقدت منزلها في الحارة، أن العودة ليست خيارًا بل واجبًا وحقًا. وتقول بثقة: “ننتظر أن تهدأ الأوضاع لنبدأ من جديد. الأمل هو ما يبقينا صامدين، وسنعيد بناء ما دمرته الحرب بإيماننا وقدرتنا على النهوض”.

في البقاع، حيث استهدفت الغارات “الإسرائيلية” مناطق مأهولة ومرافق حيوية، تبدو مهمة إعادة الإعمار شاقة، لكنها ليست مستحيلة. أم خالد من سكان بعلبك، التي تهجرت إلى بيروت خلال الحرب، تعبر عن مشاعرها بقولها: “العودة ليست سهلة بسبب الخراب الكبير، لكننا سنعود، هناك حياة تنتظرنا في بعلبك، وسنبدأ من جديد رغم كل التحديات”.

ومع توقف الاشتباكات، تبدو الحاجة ملحة إلى إطلاق خطة وطنية شاملة لإعادة الإعمار، تتطلب دعمًا دوليًا وإدارة وطنية فعالة. إعادة البناء ليست مجرد عملية هندسية لإصلاح البنى التحتية، بل هي فرصة لترميم الثقة بين اللبنانيين وإطلاق ورشة عمل تعيد الأمل إلى النفوس وتعيد الحياة إلى المناطق المتضررة.

ويؤكد الخبراء أن تحقيق هذا الهدف يحتاج إلى تعاون محلي ودولي، وإلى استحداث إدارة مختصة وفعالة. ويشير الباحث محمد شمس الدين إلى ضرورة تأسيس مؤسسة وطنية تعنى بإعادة الترميم، مشيرًا إلى تجربة مؤسسة التعمير التي أُنشئت بعد زلزال 1956، حيث نجحت في إعادة بناء المناطق المتضررة.

فرغم الدمار، فإن الأمل يبقى حيًا في نفوس اللبنانيين. الأهم الآن هو أن تتضافر جهود الدولة والمجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار. اللبنانيون أثبتوا مرارًا أن إرادتهم لا تهزم، وهذه المرة لن تكون استثناءً.