Site icon IMLebanon

الضربة الجويّة “الإسرائيليّة” للقنصلية الإيرانيّة في دمشق لن تتكرّر في لبنان لهذه الأسباب؟ 

 

 

فشل مجلس الأمن الدولي في إدانة الضربة الجويّة “الإسرائيلية” للقنصلية الإيرانية في دمشق التي حصلت يوم الاثنين الفائت، بعد أن عرقلت كلّ من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا البيان الذي صاغته روسيا في المجلس، وكان من شأنه إدانة الهجوم الذي تعرّض له مبنى القنصلية في حيّ المزّة، وتتهم طهران “إسرائيل” بالمسؤولية عنه. في الوقت الذي يتطلّب صدور البيانات عن مجلس الأمن الدولي الإجماع من قبل الأعضاء الـ 15، وقد نجحت كلّ من واشنطن ولندن وباريس في إفشاله. غير أنّ ذلك لا ينفي أنّ ما قام به العدو الإسرائيلي من استهداف للمقار والبعثات الديبلوماسية يشكّل خرقاً موصوفاً للقانون الدولي، وانتهاكاً خطراً لاتفاقيتي فيينا (في العام 1961) للعلاقات الديبلوماسية والقنصلية اللتين تضمنان حصانة وحرمة المقرّات الديبلوماسية. فهل ما قام به العدو وجرت تغطيته من قبل الأميركي، ممكن أن يتكرّر في دول أخرى في المنطقة ولا سيما في لبنان؟

 

أوساط ديبلوماسية مطلعة تحدّثت عن أنّ فشل مجلس الأمن الدولي في إدانة “إسرائيل” بسبب الاعتداء على القنصلية الإيرانية في دمشق، أسبابه سياسية معروفة، تتمثّل بالدعم المطلق من قبل الأميركي لـ “الإسرائيلي” في كلّ خطوة يقوم بها، حتى وإن حاول التهرّب من المسؤولية بالحديث عن أنّه “ليس متأكّداً من وضعية المبنى الذي تعرّض للقصف في دمشق، لكنه سيشعر بالقلق إذا كان منشأة ديبلوماسية”. فالعدو لا يقوم بأي عملية عدائية إلّا بعد أخذ الموافقة المسبقة من قبل الأميركي. والضربة الجويّة التي شنّها أخيراً على مبنى القنصلية الإيرانية في سورية ليست عملية عادية، إنّما هي نوعية وتُشكّل سابقة من نوعها، كونها استهدفت مقرّاً ديبلوماسياً يتمتّع بالحصانة، ومن المؤكّد أنّ “الإسرائيلي” قد أعلم الأميركي مسبقاً بها.

 

وهذا التصعيد الخطر في خرق القوانين والأعراف الدولية، الذي يعمل عليه “الإسرائيلي” منذ عقود كونه لا يحترم أيا من القرارات الدولية ولا يلتزم بها أو يطبّقها، يهدّد السلم والأمن الإقليميين والدوليين، على ما تابعت الاوساط، إذ ليس من رادع يوقف العدو عن تنفيذ ما يخطّط له، الأمر الذي يجعل السفارة الإيرانية معرّضة للخطر في لبنان ودول منطقة الشرق الأوسط، ما لم يتمّ وضع حدّ للارتكابات “الإسرائيلية” من قبل المجتمع الدولي. كما أنّ الردّ القاسي على مثل هذه الضربة، من شأنه ردع “الإسرائيلي” عن التخطيط لضربة أخرى مماثلة في بلد آخر.

 

وترى الأوساط نفسها أنّ “الإسرائيلي” من خلال هذه الضربة حاول توجيه رسالة واضحة لإيران، على أنّها هي الراعية لما يحصل في غزّة وفي جنوب لبنان، من خلال دعمها لمحور المقاومة في المنطقة، وأنّها الشريك الأساسي في جميع العمليات العسكرية التي تحصل ضدّه. وحاول تظهيرها على أنّها تأتي في سياق الردّ على المسيّرة التي استهدفت المراكز العسكرية البحرية في إيلات من قبل فصائل المقاومة العراقية، غير أنّه لا يمكن قياس المركز العسكري بمقرّ قنصلي وديبلوماسي.

 

فهل يمكن أن تؤدّي هذه الضربة “الإسرائيلية” الى توسيع الحرب على لبنان، وجرّ المنطقة ككلّ الى حرب إقليمية؟ تجيب الاوساط بأنّ العدو من خلال هذا الاعتداء غير المسبوق، يحاول استدراج حليفته الولايات المتحدة الى حرب موسّعة في المنطقة، من خلال توسيع دائرة الاستهدافات لتشمل المقاومة في كلّ دول المنطقة ومنها في لبنان. غير أنّ الولايات المتحدة لا تريد توسيع الحرب، كما أنّها تُحذّر من التصعيد عند الجبهة الجنوبية أو أن تتوسّع المواجهات العسكرية بين حزب الله و “إسرائيل” لتشمل جميع المناطق اللبنانية.

 

من هنا، فإنّ وقف العدوان على غزّة، سينعكس على جميع الساحات التي توحّدت لإسناد حركة حماس في القطاع، على ما أضافت الاوساط، فيحصل فيها وقت إطلاق النار في آنٍ واحد. وهو ما أكّد عليه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله مرّات عديدة في خطاباته. وهذا الأمر يدركه العدو، إلّا أنّه يريد مواصلة اعتداءاته التي يمكن أن تعيد المحادثات الحاصلة بين واشنطن وطهران الى الوراء، بدلاً من أن تتقدّم وتؤدّي الى تسوية في المنطقة، سيما أنّ مصير رئيس حكومته بنيامين نتنياهو سيكون على المحكّ في حال توقّفت الحرب.

 

وعن إمكانية أن يوسّع “الإسرائيلي” الحرب في لبنان بعد الضربة التي شنّها على القنصلية الإيرانية في دمشق، أو أي يقوم بضربة مماثلة، تجد الأوساط أنّ لا شيء يضمن مخططات العدو. وهو منذ اليوم الأول للمواجهات العسكرية مع حزب الله في الجنوب يهدّد بتوسيع دائرة المعارك، وقد قام بتوسيعها من خلال استهداف الشيخ العاروري في الضاحية الجنوبية أولاً، ومن ثمّ وصول بعض الضربات الى البقاع وبعلبك. وهو لا يتوانى عن تحديد بعض المواعيد، مثل حديثه عن إمكانية شنّ غزو برّي على لبنان بعد 15 آذار الجاري… غير أنّ مثل هذا الكلام يدخل في باب التهويل، وإن دلّ على شيء فعلى الواقع المأزوم الذي يمرّ به نتنياهو ولا يعلم كيفية الخروج منه، من دون الذهاب مباشرة الى السجن. فالعمليات النوعية التي يقوم بها الحزب خطرة على الميدان، ويحسب لها “الإسرائيلي” ألف حساب، وهي عامل أساسي لردع العدو عن الدخول في مغامرة عسكرية جديدة في لبنان مثل ضرب السفارة الإيرانية أو اي مقرّ آخر يُفكّر بالاعتداء عليه.

 

فاليوم أكثر ما يخشاه “الإسرائيلي” هو ردود المقاومة عليه، بعد شنّه الضربة على القنصلية الإيرانية، سيما أنّه لا يعلم متى وكيف ستحصل، ومن ستستهدف. لهذا لن يُفكّر القيام بأي عملية جديدة، كونه يخشى من الردّ الإيراني. مع العلم بأنّ أي ردّ سيكون بعيداً عن التصعيد، ولن يوصل الى حرب موسّعة، سيما أنّ الولايات المتحدة تحاول احتواء هذه الضربة، مع التحذير من أي حرب إقليمية.