عندما أرادت إحدى القنوات العالمية الحديث عن أعداد قتلى الحرب في فلسطين المحتلة، فرّقت بشكل كبير بين الشهداء الفلسطينيين والقتلى الاسرائيليين، فالفلسطيني “يموت”، بينما الاسرائيلي “يُقتل”، وذلك استكمالاً لحملة كي الوعي الذي يقوم به الاعلام العالمي والمدعوم من قبل الولايات المتحدة الأميركية والدول الاوروبية، التي تمارس “إرهاباً” اعلامياً وسياسياً بحق المقاومة الفلسطينية والفلسطينيين.
تُرتكب جرائم الحرب في غزة بشكل يومي بظل تواطؤ دولي واضح، فهذه المرة الاولى ربما التي يكون فيها الخطاب الأميركي بهذه العدوانية تجاه القضية الفلسطينية، وكأن الإدارة الأميركية وجدت بما يجري فرصة لحشد الرأي العام العالمي والقضاء على القضية بشكل كامل، بحيث لا تعود تشكل لها مشكلة في مشروعها للتطبيع بين العدو والدول العربية، لذلك هناك حديث عن تهجير سكان غزة الى سيناء في مصر، وكان إيدي كوهين واضحاً عندما قال منذ ساعات “تهجير سكان غزة الى سيناء مقابل محو ديون الدولة المصرية”، وهذا ما يذكرنا بالعروضات التي كانت تصل الى لبنان لتوطين الفلسطينيين مقابل محو الديون التي أُغرق فيها لبنان لأجل مشاريع مشبوهة كهذه.
بحسب مصادر سياسية متابعة فإن ما يجري في غزة تخطى كونه معركة عادية بين المقاومة الفلسطينية والعدو المحتل، حتى ولو كانت عملية المقاومة تاريخية وكبيرة، إلا أن ما يجري التحضير له يتعلق بتغيير قواعد الصراع في المنطقة، وما تحدث عنه رئيس حكومة العدو بن يامين نتانياهو عن “شرق أوسط جديد” يُعيدنا الى العبارة التي استخدمتها الخارجية الأميركية عام 2006 على لسان كونداليزا رايس إبان حرب تموز عندما كان المشروع إنشاء شرق أوسط جديد بعد ان يتم تهجير “الشيعة” من مناطقهم الى خارج لبنان، وهو ما يُعمل عليه في غزة حيث تدمر المباني لأجل ذلك.
عنوان المشروع الحالي هو إنهاء القضية الفلسطينية وإنهاء حتى حل الدولتين، أو وضع قدم في صلب هذا العنوان، بعد تصوير المقاومة بصورة تنظيم “داعش” الذي يجب محاربته من كل دول العالم، وتوطين الفلسطينيين في دول الشتات، في الأردن وسوريا ولبنان، وجعل سيناء سجناً بديلاً عن غزة، تمهيداً لإنهاء كل الوجود الفلسطيني في الكيان العبري، ولأجل ذلك اختفت خلافات الموالاة والمعارضة في الكيان، واصطف الجميع خلف الحرب.
تؤكد المصادر أن المشروع الأميركي – الإسرائيلي خطير جداً، وتم حشد الدول الأوروبية ودول غربية أخرى خلفه لتغطية الجريمة التي تُرتكب ضد الفلسطينيين وقضيتهم، وحشد جيوش اميركية أيضاً ولو على شكل حاملات طائرات ومستشارين عسكريين، والمسألة لا تتعلق برغبة هذا الطرف او ذاك على فتح الحرب، وبالتالي فإن مسار هذا المشروع في فلسطين المحتلة وفي غزة تحديداً هو الذي يحدد مستقبل الصراع، إذ لن يُسمح للمشروع بأن يمر، ومن هنا تأتي أهمية رفض الغزو البري لغزة.
بحال كان الشعور الغالب لدى محور المقاومة بأن المشروع يسير باتجاه تحقيق نتائج انطلاقاً من غزة، ولم يحصل تبديل فيه بحسب التطورات والتدخلات، فإن أطرافه لن تبقى صامتة متفرجة، وعندئذ ستكون كل الخيارات مفتوحة للرد على المشروع وإفشاله.