IMLebanon

من لغز التوقيت إلى السفاسف اللبنانية.. قرار كبير بإبعاد لبنان عن أهوال غزة!

 

من سير الوقائع والتطورات بدا أن الوضع في لبنان، المتعلق أساساً بما يجري في الشرق الأدنى، والأكثر تأثراً بمجريات الحروب الإسرائيلية – العربية، منذ نكبة فلسطين عام 1948 وقيام دولة اسرائيل، على انقاض قرى ومدن وبيارات شعب آمن مستقر، فجأة تحوَّل إلى شعب لاجئ لدى دول الجوار، يتعرض للذبح من هنا وهناك، والمطاردة في مخيماته، ويُمنع عليه حتى البحث بحق العودة إلى أرضه وفقاً للقرار 194 الصادر عن الأمم المتحدة، وصولاً إلى سائر الحروب والمواجهات بين جيوش عرب، طوال فترات امتدت من أيام النكبة إلى حرب أكتوبر (ت1) عام 1973.

ولاحقاً، بين قوات الاحتلال الاسرائيلي والمقاومة: من المقاومة الفلسطينية بفصائلها المتعددة إلى المقاومة الوطنية اللبنانية، وصولاً إلى المقاومة الإسلامية، ممثلة اليوم بحزب الله، ومن يدور في فلكه من قوى وتنظيمات وصولاً إلى «سرايا المقاومة» التي تشكلت بقرار منه لاستيعاب عناصر حلفائه من قوى إسلامية وغير إسلامية، ولتعزيز المشاركة في مرحلة توسعت فيها التحديات أمام الحزب.

بصرف النظر عن المعطى الذي قدمه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه يوم الجمعة الماضي، لمناسبة تكريم ثلة شهداء الحزب، الذين نعاهم على طريق القدس، ويتعلق بأن أياً من مكونات محور المقاومة، من دول وأحزاب وحركات لم يكن على علم بالقرار الجريء والبطولي، والذي اتخذته قيادة «حماس» في غزة، بقيادة يحيى السنوار، الاسم المرعب لإسرائيل، فإن قيادة المقاومة حسب البيان الذي صدر قبيل ظهر يوم السبت في 7 ت1، تحدثت عن متابعة للأحداث ليُبنى على الشيء مقتضاه.

من وجهة الوقائع والنتائج، تشكَّل الحدث المتمثل بسيطرة مقاتلي حركة حماس على 11مستوطنة في غلاف غزة، واحتجاز مئات وعشرات من جنود الاحتلال وضباطه وعدد لا يستهان به من حملة الجنسيات الأجنبية (أميركية، فرنسية، ألمانية، روسية، بريطانية وغيرها) فضلاً عن الجنسية الإسرائيلية، فرصة لدول المحور الممانع وفصائل المقاومة التي تدور في فلكه للتدخل، على مستويات متعددة، دبلوماسية، ولوجستية، ومالية، وميدانية، في اطار «المعركة الكبرى» المفتوحة لتحديد مَنْ يسيطر على المكان (فلسطين) في الشرق الأدنى، وكيف ترسم خطوط المصالح ونفوذ الدول في الشرق، الذي قال عنه يوماً ما وزير خارجية المانيا (1944) ان الحرب تندلع فيه، وفيه تحسم، وبسببه تحصل، للدلالة على مكانة هذا الاقليم، وعلى مكانة الجغرافيا في صراعات الدول.

بدا لبنان، بسبب حزب الله، وقوته العسكرية والصاروخية والتسليحية وعديده وعتاده، وجغرافية انتشاره، هو المعني برسم خط التدخل أو عدمه، ومداه وحدوده وآفاقه.. بعد أن شرع حزب الله بوضع خطة عسكرية، مكلفة بشرياً، باعتما تكتيك حرب المواقع، في نظرة بانورامية، وميدانية، تحقق جملة مكاسب أو أهداف، تتعلق بمجريات الصراع الكبير الذي انفجر في الشرق الأوسط، في لحظة كانت محسومة، لكنها مفاجئة بتوقيتها وترتيباتها:

 

1 – مباشرة الحزب للعمليات عبر قصف المواقع والتحصينات للجيش الاسرائيلي، واستهداف أجهزة الاتصال والمراقبة، والتجسس، فضلاً عن الآليات والأفراد وبعد أقل من 24 ساعة، على عملية «طوفان الأقصى»، وضعت حزب الله، ومعه الجنوب ولبنان في عين الترقب والاهتمام، للحؤول دون فتح جبهة ثانية في «الشمال» في إشارة الى المواجهات على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية.

2 – اكدت مشاركة الحزب العسكرية، بدءاً من مزارع شبعا الى هضاب عيتا الشعب ومنخفضات الظهيرة وراميا ومرتفعات مارون الراس على صدقية التزامه مع «حماس»، وانخراطه في معركة القدس، وبالطريقة التي رآها ويراها مناسبة.

 

3 – مع طلائع الشهداء الكثر الذين قضوا نحبهم على أرض المواجهات، تعززت القناعة بأن المشاركة لن تتوقف، وبأن حزب الله، يدرس خطواته، بما يحفظ مصداقيته، ويخفف الضغط عن حركة حماس داخل غزة..

4 – ابتكر «حزب الله» تجربة جديدة في المواجهة، شكلت نسخة شبيهة، بما كان يجري أيام منظمة التحرير والقوات المشتركة اللبنانية – الفلسطينية، من قصف وعمليات وقصف اسرائيلي قبل اجتياح العام 1982، هذا يعني فتح المواجهة على أشهر أو سنوات، مع الحفاظ على وضع شبه طبيعي خارج خطوط النار..

5 – والأهم ما كشفه أمين عام الحزب ان جبهة الجنوب هي جبهة مساندة وتضامن، وليست جبهة حرب بكل ما للكلمة من معنى، غير آبه بتهديدات من هناك وتوعدات قريبة او بعيدة، مع أخذها بعين الاعتبار..

في العلم العسكري، شكلت جبهة الجنوب، المفتوحة أمام الاحتمالات، ليس من وجهة حزب الله وحسب، بل من وجهة التطورات على ارض المعركة الأصلية في غزة والقطاع، من زاوية أنه من غير المسموح هزيمة حماس او شطبها..

والأهم، أنه بمواجهة الحلف بين اسرائيل والغرب، من أوروبا الى اميركا الشمالية برز حلف المحور من ايران (دبلوماسياً) الى صنعاء، وبغداد، والضاحية الجنوبية، مروراً بدمشق، التي لا تزال تتلقى الضربات، من دولة الاحتلال، وبرز دور حزب الله وأمينه العام في المقدمة، وكرأس حربة مسننة ومحضرة، ومسلحة، بأسلحة لم تخرج من المنازل بعد..

هل تحيَّدت ساحة لبنان عن الحرب الكبرى، أو «الدمار الكبير»؟

بصرف النظر عن «سفاسف» اللغة المحكية اللبنانية، وبعض الأصوات النكرة، حتى في حفلات التعريف والتعريف، والتعليقات التي لا قيمة لها على كلام نصر الله او التافهة، فإن لبنان في عين العاصفة، لكن ما يزال بعيداً عن أهوال غزة؟!