تأتي الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية في لحظة إقليمية ودولية بالغة الدقّة، حيث أن تصاعد الإشتباك الأميركي ـ الإيراني ينذر بتداعيات خطيرة على مجمل الساحات في المنطقة. وفي ظل استمرار التهديدات من قبل قادة سياسيين وعسكريين في الجيش الإسرائيلي للبنان، فإن أوساطاً ديبلوماسية كشفت أن رفع النبرة والتهديد الإسرائيلي ليس مؤشّراً على أن الحرب باتت قريبة على لبنان، معتبرة أن الهدف من التصعيد الإسرائيلي ضد «حزب الله» في لبنان يستهدف الضغط على إدارة الرئيس دونالد ترامب للتشدّد في موقفه إزاء إيران من جهة، والحزب من جهة أخرى عبر العقوبات المالية.
واعتبرت هذه الأوساط، أن الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، والتي تتزامن مع غارات على أهداف في سوريا، تحمل رسائل مزدوجة إلى القوى الموجودة على الساحة السورية، وفي مقدمها روسيا، إذ أن الحكومة الإسرائيلية لا تستطيع في الوقت الحالي تحمّل كلفة أي حرب ضد «حزب الله» في لبنان، ولذلك، فهي تتوجّه من خلال الضربات الصاروخية والمواقف التصعيدية ضد الحكومة اللبنانية، إلى دفع المجتمع الدولي للتدخّل من أجل عدم وصول الأمور إلى نقطة اللاعودة واندلاع حرب لا تستطيع خوضها في المرحلة الراهنة.
وقالت الأوساط أن إسرائيل لا تريد الحرب، وإن كانت تعمل من أجل دفع القيادة الروسية للتدخّل ضد إيران و«حزب الله» لعدم استهداف المناطق الحدودية. وأكدت أن تداعيات أي عدوان إسرائيلي ستكون كارثية بالنسبة لإسرائيل بشكل خاص، كون الردّ الصاروخي عليها ليس خافياً على أي طرف، وبالتالي، فهي لا تملك بالدرجة الأولى عنصر المفاجأة كما الوضع خلال حروبها السابقة على لبنان. لذا، تؤكد الأوساط نفسها، أن التهويل الإسرائيلي يأتي للتعويض عن العجز في مواجهة القوة الصاروخية المتزايدة لدى «حزب الله» والتي تطرح العديد من التساؤلات حول قدرتها على إصابة أهدف حيوية داخل إسرائيل، ومن دون أن تكون لدى القيادة الإسرائيلية أية معطيات حول هذا الأمر. وتوقّعت هذه الأوساط، المزيد من المواقف التصعيدية في موازاة استمرار الخروقات، وذلك في ضوء الإستعداد المستمر عبر المناورات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي، لكن ما من أهداف مؤكدة تستطيع إسرائيل أن تحقّقها في أي مغامرة عسكرية قد تقوم بها.
ومن هنا، فإن الضغط السياسي والتلويح بالخيار العدواني، يشكّل معادلة المرحلة المقبلة، وذلك في موازاة مواصلة الحملات من خلال اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة لدفع الرئيس الأميركي ترامب لاتخاذ المزيد من الإجراءات الإنتقامية ضد «حزب الله» وإيران، وذلك عبر مشاريع القوانين المحوّلة إلى الكونغرس. وأضافت أن الحديث الأميركي عن الإنسحاب من الإتفاق الإيراني لن يصل إلى مرحلة الإنسحاب من هذا الإتفاق، بينما توقّعت الأوساط نفسها، أن يقرّ الكونغرس مشروع العقوبات المالية ضد «حزب الله»، وتركّز الآن من خلال عدوانها على سوريا من جهة، وخرقها سيادة لبنان من جهة أخرى، إلى توجيه رسالة أخرى مباشرة إلى القيادة الروسية للتدخّل لمنع أي تدهور أمني دراماتيكي يؤدي إلى اندلاع حرب تريدها إسرائيل، إلا أنها تعجز عن تحمّل ارتداداتها وتبعاتها.