كثيرة هي الاسئلة التي طرحتها التطورات الميدانية الدراماتيكية خلال الساعات الماضية، من كسر لكل قواعد الاشتباك وتمدد رقعة الحرب نحو البقاع، وما اذا كان الاستفزاز “الاسرائيلي” لحزب الله مجرد رد على اسقاط مسيّرة “معتبرة” من جانب الحزب؟ ام تحذيرا اخيرا يضاف الى تحذيرات المسؤولين “الاسرائيليين” بشن حرب على لبنان؟ ولو تم الاتفاق على هدنة في غزة كما اعلن وزير الدفاع “الاسرائيلي” يواف غالانت اخيراً.
واضح ان الحدث العسكري الذي طال انتظاره، لم يشكل مفاجأة لاي من المتابعين، بقدر ما بدأ الحديث والبحث عن مدى قدرات تلك المنظومة الدفاعية، التي وفقا لتقارير استخباراتية تضم مجموعة من الصواريخ المضادة للطائرات من صنع روسي، واخرى ايرانية الصنع، وصلت الى الحزب على فترات، منها منظومة “بانتسر1” التي يعتقد انه تم تفعيلها بالامس، ما ادى الى سقوط “الهرمز الاسرائيلية”، حيث تمحور السؤال الاساسي حول التوقيت الذي وضعه الكثيرون، في اطار الرد على كسر قواعد التوازن الجغرافي، لتأتي المفاجأة بكسر قواعد استخدام السلاح النوعي في المواجهة، مع دخول المضاد للطائرات ساحة المواجهة، خصوصا ان حزب الله ارسل منذ ايام اشارات في هذا الاتجاه عندما فعّل راداراته لثوان.
مصادر واسعة الاطلاع كشفت ان المسيرة “الاسرائيلية” وقعت في “كمين” محكم، بعد رصد ومتابعة لمسار وخط طيران هذه المسيرات لايام، التي يعتقد ان التي اسقطت كانت في مهمة هجومية وليست استطلاعية، بدليل انفجارها في الجو مع انفجار الصواريخ الاربعة التي كانت تحملها، مشيرة الى ان منظومة “مقلاع داوود” لا يجري تفعيلها، الا في حال انطلاق صواريخ من مسافة بعيدة ومن خارج نطاق القبة الحديدية، كما يحصل غالبا في مواجهة الصواريخ المضادة للطائرات التي تطلق من سوريا.
وتابعت المصادر ان عناصر الدفاع الجوي في الحزب اعتمدت الاستراتيجية التي يعتمدها عناصر المضاد للدروع، في استخدامهم لطلقات ثنائية من صواريخ الكورنيت، اي صاروخين متتاليين بفارق ثوان، وهو ما ادى الى اسقاط المسيرة بالصاروخ الثاني، فيما تمكنت منظومة الدفاع الجوي “الاسرائيلي” من اسقاط الصاروخ الاول.
واشارت المصادر الى انه بات مؤكدا ان الصواريخ المستعملة ليست صواريخ سام 7 المحمولة على الكتف، رغم ان اللافت ان العملية تمت فوق منطقة جغرافية سبق لجيش العدو الاسرائيلي ان تحدث اكثر من مرة عن وجود منظومة دفاع جوي للحزب فيها، دون ان يتمكن من تحديد انتشارها بدقة، ملمحة الى ان غارة جوية كانت استهدفت تلك المنطقة منذ مدة.
وختمت المصادر بان ما حصل، وجّه ضربة جديدة للصناعات العسكرية “الاسرائيلية”، بعد النكسة التي لحقت بدبابات الميركافا منذ حرب 2006، لتصل اليوم الى احدى اهم الطائرات المسيرة التي تعتبر من فخر الصناعات “الاسرائيلية”، والتي يستخدمها على السواء الـ “سرب 161” من سلاح الجو، المعروف باسم “سرب الأفعى السوداء”، وأيضاً وحدة “زيك” التابعة لسلاح المدفعية، نظرا لقدراتها التي تتماشى مع تصميمها كمسيرة مخصصة للعمليات التكتيكية طويلة المدى، ضمن وحدات الاستطلاع وجمع المعلومات الاستخبارية، مع قدرة طيران لحدود 300 كلم والبقاء في الجو لعشرين ساعة، مع حمولة من الصواريخ تصل الى 150 كيلوغراما، فضلا عن ميزة نظام التصوير المتطور المزودة به، فهي تحمل كاميرات كهروضوئية وأشعة تحت الحمراء، تستطيع التقاط صور عالية الجودة في النهار والليل، إضافةً إلى نظام لايزر لتحديد أهدافها، موجهة بنظام هرمز للتحكم الأرضي “جي إس سي”، وهو نظام تعقب طيفي متطور جداً يساعدها على تحليل التضاريس.
فماذا بعد في جعبة المقاومة اللبنانية؟ والى أي مدى ستصمد نظرية الصبر الاستراتيجي، التي تراهن “تل ابيب” على انهيارها ؟