التاريخ يعلمك أن تقرأ المستقبل، فإلى الذين لا يعرفون شيئاً عن الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان عام 1978، لا بد من تذكيرهم بتاريخها وأسبابها ونتائجها…
في الحقيقة ان ما جرى عام 1969 في القاهرة بإجبار لبنان على توقيع «اتفاق القاهرة» الذي يسمح للفلسطينيين بحمل السلاح للدفاع عن المخيمات الفلسطينية ضد الاعتداءات الاسرائيلية أولاً، وثانياً السماح لهم بحمل السلاح والقيام بعمليات فدائية ضد العدو الاسرائيلي انطلاقاً من لبنان بهدف تحرير فلسطين… أقول إنّ ما جرى في ذلك التاريخ كان بداية غير موفقة. بقيت الحال متوترة في جنوب لبنان منذ التوقيع على الاتفاق حتى الوصول الى عام 1978، يوم قامت القوات الاسرائيلية بعملية احتلال لجنوب لبنان بالكامل، وهكذا استطاعت أن تبعد السلاح الفلسطيني عنها الى صيدا وإلى بيروت لاحقاً.
باختصار، كانت العملية التي قامت بها إسرائيل عام 1978 لإقامة دولة سعد حداد بديلاً للدولة اللبنانية، وإبعاد منظمة التحرير وجميع التنظيمات الفلسطينية ووضع قوات سعد حداد، الضابط المنشق مع قواته عن الجيش اللبناني، مكان هذه التنظيمات، وهكذا ارتاحت اسرائيل من العمليات الفدائية الفلسطينية.
وعام 2006 خطف حزب الله اثنين من الجنود الاسرائيليين، وطالب مقابل الإفراج عنهما بتبادل الأسرى بين الحزب وإسرائيل.. كان هذا ظاهر العملية، ولكن الحقيقة كما قال السيّد «لو كنت اعلم» ان تلك الحرب كلفت اللبنانيين 5000 قتيل وجريح من الشعب اللبناني وجيشه وحزب الله، ودامت 30 يوماً فقط، حيث ذهب مسؤولون كبار من حزب الله وتوسلوا الى الرئيس فؤاد السنيورة كي يطلب من الأمم المتحدة ومن أميركا ايقاف الحرب الاسرائيلية على لبنان… وتفيد معلومات الرئيس السنيورة ان الحزب توسّل إليه لأنّ الوقائع كانت تشير الى إنّ إسرائيل كانت بحاجة الى يومين فقط لتقضي على الحزب نهائياً، ولكن الذي يعرف إسرائيل يعلم جيداً ان حرب 2006 كان هدفها كما كان هدف حرب 1978 إبعاد الحزب عن جنوب لبنان، وذلك باستبدال جيش انطوان لحد بقوات الأمم المتحدة… بمعنى آخر انها أبعدت الحزب عن إزعاج إسرائيل.
من ناحية ثانية، يتحدّث اليوم السيّد الذي رفع شعار «لو كنت أعلم» ان النصر الإلهي الذي تحقق ما كان ليحصل لولا المقاومة.
“كلام بكلام” والأهم ان الشعب لا يصدّق، ولكن هناك بعض المجموعات التابعة والمستفيدة من الحزب تصدّق ما يقوله السيّد.
نقطة ثانية، نريد تذكير السيّد بها وهي أنّ حرب 1982، يوم اجتاح الجيش الاسرائيلي لبنان ووصل الى بيروت، وهي المرّة الأولى التي تحتل فيها إسرائيل عاصمة عربية، وبقيت بيروت محاصرة لمدة 100 يوم، بينما كانت الطائرات القاذفة ترمي صواريخها على المدينة، والبوارج تقصف بيروت من البحر، والدبابات التي كانت تحاصر قصر بعبدا تمطر المدينة بقذائفها.
وللتاريخ نقول إنّ إسرائيل لو كانت تريد القضاء على حزب الله لفعلت عام 2006 كما فعلت عام 1982، أي انها ما كانت لتتوقف بعد 30 يوماً، بينما بقيت تحاصر بيروت 100 يوم.
أخيراً، هناك الكثير الكثير عن مصالح إسرائيل وإيران وأميركا تتقاطع وهي مشتركة، والعلاقات بينهم ممتازة ومميزة.