ألزم الرئيس العماد ميشال عون نفسه بإيجاد حلّ سريع يمهّد لعودة النازحين السوريين الى بلدهم. فالمواقف اليومية التي يعلنها الرجل واضحة وصريحة لا لُبس فيها ولا غموض ولا تمويه ولا حمل أوجه: إنه يقول مباشرة وبالفم المليان: النازحون السوريون لن يبقوا في لبنان. ويجب أن يعودوا الى بلدهم. في سوريا مناطق آمنة لا يمكن تجاهلها. ان عبء النزوح السوري بات كبيراً جداً، فوق طاقة لبنان على التحمل. إن النازحين ينافسون اللبنانيين على لقمة عيشهم. إنهم (والفلسطينيين اللاجئين) يتسببون بتقنين الكهرباء في لبنان التي يستفيد منها الطرفان (البالغ عديدهم نحو مليوني لاجىء ونازح) مجّاناً… ما يُسهم جدياً في تدني ساعات المدّ بالتيار الكهربائي. وهم يستفيدون من المياه كذلك… وأيضاً مجاناً. أضف التأثير المباشر على اليد العاملة اللبنانية، وعلى التجار والصناعيين.
تلك هي خلاصة لمجمل ما يتناوله رئيس الجمهورية، يومياً، في كلامه حول أزمة النازحين السوريين… أما الجانب الإجتماعي والإرتكابات الجرمية فيتناولها الرئيس عون لماماً.
وفي المعلومات أن ممثلي الدول الكبرى والدول المعنية والهيئات الدولية والأمميّة باتوا، جميعاً، على بيّنة من الأمر اللبناني: لن يستمر النزوح طويلاً في لبنان، ولن يصبح حالة أمر واقع، ولن يكون على غرار اللجوء الفلسطيني الذي، في النتيجة، كان وراء أزمات وحروب أدت الى إسقاط لبنان من موقعه صلة وصل بين العالم الثالث والعالم الأول، وبين الشرق والغرب… الى حيث هو اليوم.… خصوصاً بعد «فتح لاند» وإتفاق القاهرة اللعين وما ترتب عليه من قيام دولة ياسر عرفات في لبنان وهو الذي أعرب عن اعتزازه بأنه حكم هذا البلد ثماني سنوات. مع العلم أنه لم يحكمه إنما تحكم بفضل إثنين: الأول – السلاح! والثاني – صغار النفوس من اللبنانيين الذين يبيعون ويشترون كل شيء… والذين ينقلون بندقية الولاء من إلى… من دون أي حذر أو كرامة… وإذا عرضنا الأسماء ومررنا في مسيرة معظم أصحابها أين كانوا ومع من، وأين أصبحوا ومع من، وكيف مرّوا من حيث كانوا الى حيث أصبحوا… لاكتشفنا العجب العجاب.
ويقتضي الإنصاف القول إن موقف الرئيس ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل هذا الموقف الواثق والأكيد والثابت من أزمة النازحين السوريين ليس وقفاً عليهما. ولقد دأب الرئيس سعد الحريري على التركيز جدياً على هذه المسألة العويصة. ولا يكاد يخلو أي موقف أو بيان أو تصريح يصدر عنه من الإشارة اليها، مع التصميم على ضرورة حلها.
وليس سراً أنّ لبنان يقيم على شك أكيد في المؤسسات الدولية والأممية والدول الكبرى التي تتعامل مع هذا الموضوع بخبث، وأقله بعدم أخذ مصلحة لبنان في الإعتبار… بدءاً بالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي طالبها لبنان (في إطار مسؤولياتها) بأن تعد خطة لعودة النازحين السوريين الى بلدهم.