IMLebanon

«قوى التغيير» ما بين القضايا الوطنيّة الإنقاذيّة وقضية الشاذين جنسياً!!

 

لفت انتباهي خلال مرحلة نضالي السياسي الأخيرة، وجود منصات إعلاميّة داعمة لقوى التغيير تطرح في مقابلاتها مع الناشطين السياسيين الجدد سؤال متعلق بموقف هذا الناشط من الزواج المدني الإلزامي وموقف مجموعته السياسية من المثليين، ولم يطرح أي سؤال متعلق بحقوق الطفل والمرأة وغيرها، كما لفت نظري وجود العديد من الأحزاب والقوى التي روّجت لنفسها في لبنان على أنها «قوى ثورة 17 تشرين» أو «قوى تغييرية» ليكون هذان العنوانان من المسلمات لديها وأساس برنامجها السياسي.

 

تم الدفع بهذه الأحزاب وعبر وسائل ملتوية ومنصات مالية لتتقدم على القوى الثورية المحافظة، ليتبين لاحقاً وخلال الإستحقاق النيابي الأخير القدرة التمويلية الهائلة لهذه القوى مما جعلها تتصدر إعلامياً والمنتمين إليها.

هذا ما دفع العديد من الناشطين لتبني عنوان «التيار الثالث المحافظ» أي التيار الذي يعادي سلطة المحاصصة الطائفيّة الفاسدة التي قضت على مقومات البلد ودمرت المؤسسات، والذي يرفض بنفس الوقت من يرفع عناوين سياسية لا علاقة لها بحقيقة المشكلة القائمة على وجود سلطة ميليشيات المال والسلاح المعادية لمشروع الدولة والقيم الوطنية والرؤيه السياسية والإجتماعية المنسجمة مع تطلعات الشعب اللبناني.

على الصعيد العالمي، تفاجأ الكثيرون بالكم الهائل من المثليين والمتحولين جنسياً الذين تسلموا مناصب قيادية في الولايات المتحدة الأميركيّة بعد انتخاب الرئيس بايدن عن الحزب الديمقراطي، ليتحكم أكثر من 200 شاذ بالقرارات المصيرية لهذه الدولة العظمى ورسم سياستها الخارجيّة، أمثال وزير النقل « بِيت بوتجيج» الذي يٌقبل شريكه علناً ويصحبه الى كل مكان يذهب إليه، والمثليين «كارين جان بيير» السكريتيرة الصحفيّة والناطقة بإسم بايدن و«نيد برايس» المتحدث بإسم الخارجية الأميركية، والمتحول جنسياً «ريتشيل ليفين» مساعدة وزير الصحة، وصولاً الى «سام برينتون» مساعد وزير الطاقة الذي يعتبر من الشواذ بفصيلة الكلاب البشرية وغيرهم الكثير.

حتى أن «أشلي» أبنة الرئيس «بايدن» اتهمت في مذكراتها والدها بأنه استحم معها عارية وتسبب بإنحرافاتها الجنسيّة والأخلاقية و…

في جانب آخر، نجد شعوباً أخرى تقف في وجه هذه الموجة، وقد وقع الرئيس الروسي على قانون يمنع الترويج للمثلية الجنسية في بلاده، معتبراً أن القانون الفيدرالي الروسي يهدف الى حماية الأطفال من المعلومات التي تدعو إلى إنكار القيم الأسرية التقليدية، وهناك العديد من المحطات الإعلامية الخاصة في روسيا تنتقد «الغرب المنحل» معتبرة أن المثلية الجنسية خطيئة كبرى.

من خلال هذه الأمثلة وغيرها الكثير، نجد بأن ما له علاقة بالمثلية الجنسية يطرح جدلاً واشكاليات عالمية، وهي متعلقة بمنظمات عملاقة تتجاوز حدود الدول، وتمويل هائل، أي أن هذه المسألة تتجاوز رؤية الدول الإسلامية والعالم العربي، حيث يتم الترويج لهذه الأفكار بقوة في بلاد عربية سقطت فيها بنية الدولة، وتعاني من سيطرة الميليشيات المرتبطة بالخارج، ومن صراعات طائفية وغياب الإستقرار السياسي وتفشي الفساد كما هو الحال في العراق ولبنان، حتى أننا شاهدنا مظاهرات متقابلة ضمن هذا العنوان في تركيا ودول اسلامية أخرى.

سألني أحد الطلاب االلبنانيين عن الأحزاب اللبنانيّة التي تدعم المثلية الجنسيّة، فأجبته أنه وفقاً لتجربتي السياسية فإن العديد من الأحزاب الجديدة تتبنى هذه العناوين، والبعض منها أعطى لنفسه صفة «التغييري»، ليضيف هذا الطالب بأن الغرابة تكمن في المستوى المتقدم للتسويق لهذه الظاهرة وعلى كل المستويات، في الجامعات اللبنانية الخاصة الكبرى، كما في شركات ومؤسسات يتابع الطلاب فيها تدريبهم العملي ويديرها من يحمل عناوين «التغيير»، ليتفاجأ الطلاب بأن السمة المسيطرة على هذه الشركات والمؤسسات هي عناوين المثلية، ويتساءل آخرون أثناء عملهم فيها كيف يمكن لهذه الشركات غير المنتجة أن تكون ممولة بمثل هذا المستوى الجيد؟! وبأن مهمتها الواضحة هي استقطاب الشباب المتعلم، وتوسيع دائرة ظاهرة المثلية ورفع مستوى تقبلها في المجتمع اللبناني خصوصاً بين الشباب المتعلم، ليجد أمثال هذا الطالب أنفسهم في موقع المدافع بإستمرار عن نفسه أمام قوى تدعم المثلية وتمتلك امكانيات مادية وإعلامية ومؤسساتية تسمح لهم بمحاصرته، وعليه دوماً التفتيش عن كيفية حماية نفسه بلطف كي لا يتهم أنه «معادي للمثليين» وتطاله القوانين الداخليّة التي قد تتهمه بالتنمر والمعاداة لهم ضمن سياق القوانين الداخلية وما يروج له في الجامعة، وعليه التفكير بإستمرار في حسن اختيار الكلام والتعابير والسلوكيات الملائمة عند تحرش أحد أفراد هذه الفئة به.

تتوسع هذه الفئة ويزداد عديدها يوماً بعد يوم، لتصبح مع الوقت «المثلية» هي الأساس وما عداها استثناء وغير طبيعي وغير عادي!! و… قد ذكر أحد الطلاب العراقيين بأن نفس هذا النمط السياسي والشبابي يروج له وبنفس الآلية في العراق…

تكلم عالم الإجتماع «تالكوت بارسونز» عن مقومات الفعل الإجتماعي للنهوض بالمجتمعات، بداية مع توضيح الهدف، المواءمة والتأقلم، حسن الإستفادة من الإمكانيات، أما العنصر الرابع والأهم بينهم فيتعلق ب»المحافظة على القيم»، ويقصد فيها القيم المدنيّة والإنسانيّة والإلتزام بالقوانين والتعليمات وصولاً للقيم الدينية وذلك لتغيير المجتمعات وتحقيق تطورها.

هذا ما يُظهر خطورة تحطيم ركيزة «القيم» في المجتمعات البشرية، ليصبح المثلي والمتحول جنسياً ومن لديه النزعة للتحول نحو الحيوانات.. وقد تصل لاحقاً الى المطالبة بحقوق ممارسة الجنس مع الأطفال والقاصرين لتصبح هذه الظاهرة أساس «القيادة السياسية الجديدة» في «المجتمعات الحديثة والمتخلفة»، ويصبح هذا التيار الأكثر تمويلاً وسيطرةَ على الإعلام وشبكات التواصل الإجتماعي والوظائف المهمة والمؤسسات التي تستقطب الشباب، وصولاً الى السيطرة على عقول الأطفال عبر افلام ديزني والأفلام الصغيرة التي تُبث كدعاية الزامية في العابهم الإلكترونية عبر أجهزتهم المحمولة، وفي التربية الجنسيّة كما تروّج في القصص وفي مناقشاتهم المدرسية… والغريب في ذلك نقل الطالب بأن كل هذه الأمور يروج لها على أنها علمية ومفيدة للبشرية لتحديد النسل وغيره، مقابل غياب أي دراسات صحية واجتماعية وتحليل احصاءات حديثة تبين خطورة الأمراض الجنسية والنفسية المرتبطة بهذه الفئة وممارساتها، وتأثيرات هذه الظاهرة على الشباب على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وبالتالي تكون حجج المناقشة عند الشباب الطبيعيين ضعيفة ولا ترقى الى المستوى المطلوب.

نكتشف سريعاً أن رفع شعارات «عدم تجريم الجنسية» التي يتبناها البعض هي في واقع الأمر خطة محكمة لتحويل «غير المثليين وغير المتحولين» كما أصحاب القيم العائلية الى متهمين ومنكفئين وفاقدي الإرادة في مجتمعاتهم، لفتح مجال تدمير البنية الإجتماعية الصحية انطلاقاً من تدمير «قدسية العائلة» وقدسية العلاقة الأبوية السامية والتعامل بين الأخ والأخت، والتضحيات المتبادلة بين أفراد الأسرة، وبالتالي القضاء على نشر المحبة والأمان والتكافل وحماية الضعيف ضمن هذه النواة الإجتماعيّة الأساسية وتحويل العلاقة الى الإطار الغرائزي المادي، ليكون تدمير الأسرة المرحلة التي تستتبع تدمير الدول الناميّة.

إذاً هناك سعي مستمر لتحويل الشباب بإتجاه الغرائزية الحيوانية، الإدمان، اللامبالاة وعدم الإرتباط العائلي والإجتماعي والوطني، والتبعيّة لمشاريع مادية يصعب تصور تأثيراتها على المدى القريب، المتوسط والبعيد في ظل بنية دول عربية مفتتة، أضاع السياسيون فيها معالم مؤسساتها، نظامها السياسي فاشل تابع لمصالح الخارج ويسيطر عليه الفساد، والإحتكار والقبلية والإنغلاق والتآكل الداخلي…

هناك من يؤكد بأن مشاريع الحروب الكونية والإقليمية والتوحش والإستنزاف البشري وتضييع ثروات الشعوب مرتبط مباشرة ببناء هذه الظاهرة العالمية.

التغيير يعني التطور البشري ويعني أن المجتمعات بحاجة للتخلص من سلطة الفساد وتحقيق تطوير وإزدهار متتابع مستند الى نواة قيمية علمية، واعية، منفتحة، متنوعة وصلبة، وعمل المؤسسات المنظمة والفاعلة، ومن غير المسموح استغلال عناوين التغيير لتفتيت المجتمع عبر القضاء على قيمه، والتسبب بإنحراف الأطفال عن فطرتهم السليمة واستقرارهم النفسي والعاطفي، فما ذكرته أبنة الرئيس بايدن عن أن والدها كا السبب في انحرافها وفقدانها كيانها الإنساني هو مثال بسيط للأذى النفسي والإجتماعي الهائل الذي يطال ملايين الأطفال وفي كل دول العالم خصوصاً في الدول الفاشلة التي فقدت معالم مؤسساتها واداراتها الراعية، وتتحكم بها سلطة سياسيين متمرسين بالفساد والعمالة والتبعية للخارج.

مختصر اللعبة الجهنمية القائمة حالياً، يقوم على استدراج شعوبنا للهروب من مآسي ظلم العصا الغليظة لسلطة حكام فاسدين سرقت ثروات الوطن وأموال الشعب الى زاوية تضعهم ما بين سندان التفلت والتجهيل والفقر ومطرقة السلطة الفاسدة المدمرة للوطن والشعب!

من غير المسموح بأن يتحول الشواذ الى عنوان اجتماعي صحي سليم، وبأن تتحول العائلة الطبيعية والقيم الإنسانية الى شواذ يخشى شبابنا التعبير عن انتمائهم له خوفاً من استبداد الشاذين الحقيقيين والمتحولين جنسياً وأصحاب نزعة التحول بالشكل والفكر بإتجاه غرائزية عالم الحيوان والمدمنين على المخدرات والمتاجرين بمصير البشرية.

معالجة مشكلة الشواذ طبياً واجتماعياً وثقافياً بأساليب علمية وانسانية وبحكمة ووعي شيء وإعطاء هذه الفئة حجم سياسي تسلطي على كل المكونات لتتحكم بمصير المجتمع بكامله شيء آخر، ولا بد أن يقوم هذا المجتمع بدوره لفرز قيادات شبابية حرة وواعية ومنفتحة وأحزاب وتيارات سياسية جديدة قادرة على استيعاب مشروع الدولة دون تأثيرات خارجية بعيدة عن قيمها، وتحترم قيم مجتمعها وتقوم بواجب صياتنه وتطويره بإستمرار.

سيبقى الإنسان بقيمه وسعادته هو الأهم والأرقى بين كل المخلوقات بما يمثله من عقل وجسم مرتبط بواقع مادي وإجتماعي سليم، يتناغم مع مفهوم النفس البشرية المنسجمة مع هذا الجسم لتتجاوز الزمان والمكان المادي وترى المستقبل بصورة مشرقة، لتدخل الروح بعدها الى المكونين السابقين كطاقة مشعة بالإنسانية الراقية.

المطلوب سعي دؤوب لبناء مجتمع إنسان منسجم مع نفسه ومع الآخرين، منفتح ومتفاعل مع كل المجتمعات، بما يسمح بالقيام بدور اعمار الأرض وتحقيق الإزدهار والرفاهية ونشر الخير والمحبة بين كل الشعوب، وليأخذ بعد ذلك العمل السياسي البنائي مكانه الطبيعي بالتغيير والتطوير السليم لتحقيق السعادة الإنسانيّة خدمة لقضايا الشعب، ليستفيد الوطن من كل طاقات ومؤهلات شبابنا الهادرة بعيداً عن الجشع والغرائزية الحيوانية التي تدمير أسس العائلة وتشوّه فطرة الأطفال البريئة والسليمة.