لا يزال رئيس وزراء إسرائيل فاقداً توازنه منذ عملية «طوفان الأقصى»، ويبدو ان الصدمة التي تعرّض لها منذ تلك اللحظة لا تزال تضغط عليه نفسياً، خصوصاً أنّ البطولات التي رافقت العملية والتي كما علمت ان جماعة صانعي الافلام في أميركا يرغبون في أن يصوّروا أكثر من فيلم عن العملية، لأنها فعلاً عجيبة حتى في الخيال، ولا يزال كثير من الناس لا يصدّقون كيف استطاع 1000 «بطل» من أبطال «حماس» وخلال ساعتين أن يحتلوا 42 مستعمرة ومستوطنة وأسر 250 رجلاً وامرأة من 17 جنسية وقتل 400 جندي إسرائيلي. ونذكر هنا ما يقوم به المقاوم الفلسطيني البطل حين يخرج من فتحة ليضع القذيفة فوق دبابة إسرائيلية ويفجّرها.
كلفة هذه المستعمرات على إسرائيل بلغت 30 مليار دولار، وقد استغرق العمل لإنجازها 40 سنة، إضافة للجدار الفاصل بين المستعمرات وبين المناطق التي تخضع للسلطة الفلسطينية وغزة التي تحكمها حركة حماس.
ولو عدنا الى التاريخ لتبيّـن لنا ان الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط الذي أسرته «حماس» عام 2006 وتمّت عملية التبادل بينه وبين 1059 سجيناً فلسطينياً في السجون الاسرائيلية.
بالمقابل، فإنّ حركة حماس عرضت أكثر من مرّة أن تتم عملية التبادل بينها وبين إسرائيل، لكن شرطها الوحيد لتفرج عن كل الأسرى لديها والذي يبلغ عددهم حوالى الـ250 أسيراً هو الافراج عن جميع السجناء الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية والذي يبلغ عددهم أكثر من عشرة آلاف، بالإضافة الى السجناء الجدد أي السجناء الذين بدأت إسرائيل تعتقلهم من الضفة الغربية بتهمة الارهاب، طبعاً فإنّ معظمهم مظلومون.
على كل حال، مسار المفاوضات سيكون طويلاً، خصوصاً أنّ نتانياهو يعرف أنه عند أوّل وقف لإطلاق النار بين حركة حماس وبين إسرائيل فإنه سيكون الخاسر و»حماس» الرابحة بالرغم من التدمير والقتل والتجويع وعدد القتلى الذين تجاوزوا عشرة آلاف شهيد وتدمير 250 ألف مسكن ومليوناً ونصف المليون هجّروا من منازلهم وهم يسكنون في بعض مدارس «الاونروا» والبعض في الخيم. ولكن الأهم ان هذا الشعب البطل مستعد لكل الظروف الصعبة، لكنه لن يتخلّى عن أرضه.
عملية “طوفان الأقصى” سوف تجبر إسرائيل على الاعتراف بإقامة دولة فلسطينية كما يطالب الفلسطينيون… وبالنسبة للسؤال الكبير وهو محاولة إسرائيل وضع شروط بالنسبة الى من يحكم غزّة، أظن ان على المسؤولين الاسرائيليين أن يسمعوا ما قاله وزير خارجية أميركا أنتوني بلينكن ناصحاً الاسرائيليين بأن يتركوا حكم غزة للفلسطينيين.
أخيراً، فإنّ بعد كل حرب هناك نهاية، والنهاية هي الجلوس الى طاولة المفاوضات، والاتفاق على كل الخلافات المتنازع عليها، وأهمها الدولة الفلسطينية، وكما قلنا، فإنّ عملية “طوفان الأقصى” ستعيد فكرة إقامة دولة فلسطينية إلى طاولة المفاوضات مهما حاول الاسرائيلي المراوغة واللعب.. ففي النهاية لا حل إلاّ في إقامة دولة فلسطينية.
إلى ذلك، تفيد المعلومات ان رئيس جهاز الـC.I.A موجود في المنطقة، وقد قام بزيارة لإسرائيل واجتمع مع أكبر عدد من المسؤولين بدءاً برئيس الوزراء الى وزير الدفاع الى جماعة المخابرات وأعني هنا رئيس “الموساد”.
كذلك علمنا ان هناك اجتماعاً آخر حصل في قطر، حضره رئيس الحكومة القطرية مع رئيس “الموساد” ومدير المخابرات المركزية الاميركية، وهذا يعني ان المفاوضات قد بدأت بالفعل، ولكن تاريخ إسرائيل بالتفاوض تاريخ سيّئ، فهم يكذبون أكثر مما يتنفسون.
ولكن أكرر نصيحة مجانية لليهود: لا تلعبوا هذه اللعبة مع حركة حماس فترتد النتائج السيّئة إليكم.