IMLebanon

مسألة النازحين ونهائية الكيان

يجهد الرئيس سعد الحريري في كلّ الإتّجاهات لإحداث صدمة إيجابية واحدة في المسار السياسي المقفل منذ التزامه التسوية التي أنهت الشغور الرئاسي، وتوصّلت إلى توليفة الحكم المسماة «حكومة استعادة الثقة». هذه التوليفة استوعبت مكرهةً شراهة الشرهين وزهد الزاهدين بصرف النظر عن أحجامهم النيابية، وأقصت المستقلين الذين طالما كسروا حدّة الخطاب السياسي والطائفي. أجل إلتهم منظّرو وحدة الطوائف كلّ شيء، فالإستقلالية في السياسة لا مكان لها في مرحلة إستثمار النجاح. السؤال الذي يطرح نفسه عند كلّ مسعى تقوم به الحكومة ما هو المقصود بعنوان استعادة الثقة الذي أطلقته الحكومة على نفسها!! طبعاً لا يمكن أن يكون ما ترمي إليه الحكومة استعادة ثقتها بالمجتمع، فالمجتمع بغالبيته الكبرى لم يخذل أياً من الحكومات التي تعاقبت على لبنان منذ تأسيسه، بل أكّد عند كلّ استحقاق إيمانه الراسخ بالدولة والقانون بالرغم من النماذج السيئة للأداء السياسي التي تختزنها الذاكرة الجماعية لهذا المجتمع.

هذه الحكومة تفشل كسابقاتها في كلّ الملفات. الغانمون في التسوية الرئاسية ليسوا موحدي الأهداف في المرحلة ما بعد الرئاسية، إذ لا يبدو أنّ هناك اتّفاقاً أين سيتوقف قطار العهد الذي يقلّهم، فلكلّ فريق محطته. هم يتصرفون من موقع القيّم على الشأن العام وعلى أداء الحكومة ومصلحة الدولة العليا ولا يبدو أنّهم سيتفقون على قانون جديد للإنتخابات، أو على معادلة المال والطاقة لحلّ مشكلة الكهرباء، وهم لا يجرؤن على مقاربة كارثة الفساد والهدر في المرافق والمرافئ، أو معالجة آفة المخدرات والسلاح المتفلت الذي يهدد استقرار البيئة التي تحتضن مشروعهم السياسي، وأخيراً وليس آخراً يقفون عاجزين أمام إنجاز سلسلة الرتب والرواتب التي بدلاً من أن تتحوّل إلى إنجاز يبنون عليه تحوّلت إلى أزمة إجتماعية تُقلق جزءاً كبيراً من المواطنين لعدم مراعاتها قيّم العدالة والمساواة .

يذهب المجلس النيابي في الأسابيع القليلة المقبلة إلى التمديد لنفسه لمدة عام وربما أكثر. معوّقات إنتاج قانون إنتخابي جديد يختصرها عدم وضوح الدور المفترض لهذا المجلس الذي يجب أن يشكّل الأداة الدستورية لمواكبة مستحقات المرحلة الإقليمية المقبلة، التي تختلف بالنسبة لكلّ من حلفاء التسوية الرئاسية. شكل وشروط التسوية في سوريا سيكون لها إسقاطاتها على شكل ودور الدولة في لبنان. الحلم الكردي في الشمال السوري يدغدغ خيال المحافظين الجدد في لبنان، فيحاولون البناء في السياسة والإقتصاد والطاقة والغاز والبيئة على حلم مماثل علّه يتحقق!! ويدغدغ الحلم بنجاح تحالف الأقليات أحلام فريق آخر،فيستمهل الإنتخابات ويعيد تقييم التحالفات التي تتلاءم مع دوره الجديد في الإقليم. وبهذا المعنى ولأجل هذا يصبح للجغرافيا في تمركز معامل إنتاج الكهرباء وبلوكات الغاز التي يجب تلزيمها والبنيّة التحتية التي يجب تطويرها دور آخر في الوطن المنشود.

رئيس الحكومة الذي يتجرع علقم الآداء الحكومي والذي يجهد كلّ يوم لإحداث اختراق إيجابي في جدار الإخفاق الحكومي، يُدرك أنّ لقضية النازحين السورين مفاهيم مختلفة في مشاريع الفدرالية وفي تحالف الأقليات. رئيس الحكومة مُطالب أن يُعيد التدقيق في ما يجب أن تعنيه «حكومة إستعادة الثقة» وإلى من يجب أن يوجّه سؤاله…. هل يثق فريق كبير من حكومته بنهائية لبنان كوطن نهائي لجميع أبنائه، واحداً أرضاً وشعباً ومؤسسات، في حدوده المنصوص عنها والمعترف بها دولياً، كما ورد في مقدّمة الدستور؟