IMLebanon

قضية الرهائن كشفت  كل نقاط الضعف 

محنة العسكريين المخطوفين على أيدي داعش والنصرة جزء من محنة لبنان المهدد مصيره. هم رهائن إرهاب تكفيري متوحش وقاطع رؤوس. وهو رهينة، لا فقط من يريد له أن يكون مقطوع الرأس بل أيضاً مصالح متناقضة لقوى متعددة في الداخل والخارج، حيث تتشابك الخطوط وتتداخل الحدود بين من يلعب دور الصديق ومن يمارس الخصومة وحتى العداء.

أما الرهان، فانه على الجيش الذي يقوم بدوره الطبيعي المتوازن والموزون، وإن قيل ان هناك من يعمل لتوريطه في مأزق خطر. من طرابلس التي عاد الحديث عن مربع أمني فيها مع بعض الاعتداءات على العسكر الى عرسال المخطوفة من المسلحين الذين خرجوا من مخيماتها وساندوا الارهاب حسب بيان باسم أهاليها. كيف؟ برفض طلبين متناقضين: واحد يدعو أصحابه الجيش الى تحرير عرسال المحتلة والمخطوفة ولو انتهى الأمر الى مصرع المخطوف ودمار البلدة وهرب الخاطف. وآخر يريد اصحابه من الجيش ألا يفعل شيئاً أو ألا يدخل الى عرسال.

ولا شيء يزيد في محنة الخطف أكثر من العجز عن استعادة المخطوفين. والأكثر مدعاة للحزن والغضب والخوف ان قضية العسكريين الرهائن كشفت كل نقاط الضعف في لبنان، من حيث دارت الأحاديث على العكس. فرئيس الحكومة تمام سلام هددد الخاطفين أو أنذرهم بأن لبنان يملك أوراق قوة. والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله انتقد التفاوض على طريقة الشحادة وطالب بالتفاوض بعد وضع كل أوراق القوة على الطاولة. فهل كانت الاجراءات الأخيرة للجيش في عرسال والجرود بداية تجميع أوراق القوة؟ وهل لدينا بالفعل خيار عسكري لتحرير الرهائن أم ان الاتكال على دور قطر وتركيا؟

المأساة ان ما أعادت كشفه قضية المخطوفين هو بانوراما لحال لبنان من كل النواحي. ففي موازاة التفاوض عبر وسطاء خلف أبواب مغلقة والتكتم على ما يدور فيها، ظهر بازار مفتوح للتفاوض من وراء الميكروفونات. وزراء يزايدون على وزراء. جهات لبنانية تطالب داعش والنصرة بتكبير المطالب. وأخرى تضغط على السلطة لتقديم كل شيء في المقايضة وتكاد تدافع عن داعش. تلاعب الارهابيين بما عبر الهويات المذهبية قاد البعض الى اللعب المذهبي في مسألة وطنية بامتياز، حيث المخطوفون هم أبناء جيش وقوى أمن في خدمة وطن، والخاطفون ارهابيون مذهبيون. وقطع الطرق الذي يضغط على السلطة ويضر بالناس ومصالحها، وليس بالخاطفين، صار ممارسة سياسية معترفاً بها من العاجزين عن وقفها.

وقمة البؤس السياسي هي أن نتكيف مع الفراغ الرئاسي ونجد أنفسنا مضطرين للتمسك بما لا مجال للبديل منه في الفراغ: حكومة ضعيفة يتحكم بها طواويس. ومجلس نيابي عاطل عن العمل يكافئ نفسه بالتمديد.