قضية العسكريين تحتاج إلى نفس طويل
الوسيط القطري يتحرك إقليمياً.. وأوراق القوة «ليست للمساومة»
عندما يردد رئيس الحكومة تمام سلام أننا في قضية المخطوفين العسكريين «نتعامل مع مجانين»، فإن كلامه يعبِّر عن مدى صعوبة التفاوض مع الخاطفين من جهة وعدم إمكانية الركون إلى أية وعود أو التزامات يمكن أن يقطعها الخاطفون للوسيط القطري أو سواه من جهة ثانية.
ويقول مصدر معني بالملف لـ«السفير» إن «مسار التفاوض طويل والأمور ليست سهلة إلى درجة توقع إبرام صفقة تفضي إلى الإفراج عن العسكريين خلال أيام، لذلك نحتاج إلى اعتماد النفس الطويل والأعصاب الباردة وعدم الانصياع الى مكائد الخاطفين الذين يبتزون أهالي العسكريين ويدفعونهم بفعل الضغط النفسي (عبر الاتصالات المباشرة معهم) إلى القيام بخطوات تصعيدية في المكان الخطأ».
ويضيف المصدر «ان استمرار اهالي المخطوفين بانتهاج أسلوب قطع الطرق من شأنه ان يؤثر على الإجماع اللبناني حول معالجة قضية أبنائهم لا على البعد الوطني للقضية، لأن عملية فصل البقاع عن باقي لبنان أمر خطير جداً لم يحصل حتى في أصعب الظروف التي مرّ بها لبنان، وبدل الضغط على الناس من خلال قطع الطرق، ما يؤدي تلقائياً الى تلاشي الزخم الشعبي المتضامن مع مطلب إطلاق العسكريين، فإن الإجدى اعتماد خطوات نوعية أكثر فاعلية من دون أن تؤثر على واقع الحركة اليومية للمواطنين، وذلك عبر التوجه الى الجهات والدول التي تدعم الخاطفين عبر تحرك سلمي حضاري، وعدم الوقوع رهينة ابتزاز الإرهابيين».
ويوضح المصدر ان الكثير من الكلام الذي يتداول حول المرحلة التي وصلت اليها عملية التفاوض «لا يمت الى حقيقة ما يجري بصلة، ومن الأجدى عدم حقن الأهالي بمواقف إعلامية مهدئة فقط، إنما قول الحقيقة كما هي بلا قفازات أو أقنعة، حتى يكونوا على بينة من أمر التفاوض الصعب والشاق، والأهم هو أن يعرف الأهالي أن ليس من التزامات تعهد بها الخاطفون وأن الوسيط القطري لم يحمل ما يطمئن إلى أن الأمور مضبوطة على إيقاع معين، باستثناء بدء عملية الأخذ والرد حول المطالب والشروط مع إبقاء باب الاحتمالات مفتوحاً في كل الاتجاهات.. السلبية منها والإيجابية».
وينفي المصدر «كل ما يشاع عن انكفاء الوسيط القطري، إنما العكس صحيح، وهو مستنفر للتحرك فور تلقي أية إشارة، وسيعاود حراكه المحاط بسرية مطلقة قريباً، علماً أن عطلة عيد الأضحى لم تكن مانعاً للتحرك في أية لحظة، ويجب عدم ربط حركة الوسيط القطري بقدومه الى لبنان فقط، فهو يتحرك باتجاه عواصم مختلفة ويجتمع مع جهات معنية مختلفة في محاولة لإحداث ثغرة نوعية توصل الى وضع الأمور في مسارها المؤدي الى نتيجة عملية، وبالتالي عدم وجوده في بيروت لا يعني أنه متوقف عن الحراك، لأن لبعض العواصم الإقليمية فاعلية كبيرة في تحريك الملف».
وأكد المصدر أن الوسيط القطري يتحرك بالتنسيق الدائم مع مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم الذي انيطت به رسمياً مهمة متابعة هذا الملف وإنجازه، «وهو يواظب على رمي الأفكار والمقترحات التي تتلاءم مع ظروف المهمة وطبيعة الجهات الخاطفة».
وعن تراجع الحديث عن أوراق القوة لدى لبنان يلفت المصدر الانتباه الى «أن من يمتلك اوراق القوة لا يعرضها للمساومة والمزايدة، إنما يلجأ الى استخدام بعضها في الوقت المناسب عبر رسائل يفهمها جيداً الخاطفون، وهذه الاوراق كثيرة لدى السلطة اللبنانية ولدى جهات اخرى معنية، لذلك من المفيد عدم الحديث عنها او تشريحها حتى لا يفقد المفاوض اللبناني عنصر المفاجأة اللازم لتحقيق خرق ما في السعي لإنجاح المهمة».