انكسرت الجرّة بين زوجة النائب الراحل الياس سكاف، ميريام، وابن عمّه، ميشال. لم تصمد طويلاً محاولات منع انقسام العائلة، ووقع التباعد بعد تأزم العلاقة بين زعيمة الكتلة الشعبية والمطران عصام درويش
بعد نحو أسبوعين على وفاة النائب السابق الياس سكاف، نقلت مصادر مُقربة من ابن عمّه ميشال عنه تأكيده أنّ «العائلة ستُخيّب آمال كلّ من يتربص بها. ميريام هي التي ستحمل الأمانة». هذه الكلمات كانت كافية لتحسم الجدل حول «وحدة» آل سكاف بعد وفاة «البيك»، في وقت راهن فيه كُثر على انقسامٍ داخلها، خصوصاً أن العلاقة بين ابنَي العم سادها كثير من المدّ والجزر.
التزم «ابن العمّ» كلمته، محاولاً في الوقت نفسه رأب الصدع بين أرملة الراحل ورئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الكاثوليك عصام درويش. فشلت المحاولات وتصاعد الخلاف بين الطرفين. في أربعين زوجها، غمزت ميريام من قناة المطران بالقول: «حيطنا مش واطي»، ما دفع ميشال سكاف إلى الرد: «حيطنا عالي، ولكنه ليس أعلى من الكنيسة».
مصادر مقربة من ابن العم تؤكد أنه «لا يُدافع عن شخص المطران، ولكنه يؤمن بأن الكنيسة خطّ أحمر». وبالنسبة اليه، على الصعيد الوطني «نحن مع الرئاسة الأولى وقيادة الجيش والبطريركية المارونية». أما في زحلة، فهناك عنصران أساسيان: «نحافظ على الاستقلالية ونحمي سيدة النجاة (مقر مطرانية الروم الكاثوليك). وفي السياسة، نُخاصم ولا نُعادي». انطلاقاً من هنا «قررنا تصويب المسار حسب مبادئ الكتلة الشعبية».
التباين داخل «الكتلة» بدأ خلال التحضير للانتخابات النيابية عام 2009، «حين قال ميشال إنه يجب أن نركب ضمن تسوية سين ــــ سين الإقليمية. عارض قسمٌ هذا الرأي واتُّخذ القرار بأن تُشكل لائحة مستقلّة». واستمرّ التباين «لأنّ الذهنية التي حكمت عام 2009 ومدرسة تخوين الآخر واعتبار الأصدقاء زلماً لم تتغير». أما من يسأل عن الحيثية الشعبية لميشال سكاف، «فنؤكد أننا لسنا حديثي العهد. فليعرض كل طرف سيره الذاتية ولنقارن. نحن ضدّ المال والفكر والأمن والخدمات المُستعارة. أما في ما خصّ الشعبية، فمبروك عليهم الشارع الذي تُحركه الأحداث. نحن لا نعمل إلا مع الذين يُحافظون على الأمانة»، تردّ مصادر ميشال.
ولكن أليس «البيك» من اختار أن تكون زوجته الوريثة؟ تردّ مصادر ميشال سكاف بالقول: «أولاً نحن أصحاب أمانة ولا نرث. ثانياً، بعد وفاة الياس سكاف تباهى أحد الصحافيين بأنه يملك صورة عن الوصية، فكيف لا يملك فريق العمل المقرب نسخة عنها؟». كذلك تنتقد المصادر أسلوب عمل «الكتلة الشعبية»، إذ لا «توجد محاضر بالاجتماعات التي تُعقد، ولا موقف واضحاً من القضايا السيادية الملحّة كانتخاب رئيس للجمهورية وقانون الانتخابات. ما زلنا منذ وفاة البيك عالقين في حفرة المطرانية، ولم نبدأ العمل بالسياسة».
لسيّدة النجاة أهمية خاصة لدى ميشال سكاف، لذلك «عُقدت بين أعضاء الكتلة اجتماعات عدة استجابة لطلب البطريرك بشارة الراعي وكافة المرجعيات الروحية والسياسية بضرورة ترتيب الأمور. بادَرَنا درويش ببيان فردّت العائلة بزيارة له، وأمهلت الكتلة الشعبية 24 ساعة للقيام بمبادرة مماثلة قبل الأربعين، الأمر الذي لم يحدث». الودّ بين ميشال سكاف ودرويش ليس خافياً. يقول الأخير لـ«الأخبار» إنّ «ميمو هو أحد مستشاري المطرانية وعضو في اللجنة الإدارية لمستشفى تل شيحا. وهو يحاول ترتيب البيت الداخلي ويعمل بصمت».
أما المصادر المطلعة على أجواء ميريام سكاف، فلها رواية أخرى: «ميمو يتهم ميريام بعدم المشاورة، في حين أنه لا يُشاور أحداً، سواء في موضوع زيارة وفد من آل سكاف المطران أو مشاركته في الغداء الذي أقيم في المطرانية على شرف السفير الروسي ألكسندر زاسبيكين».
أما في ما يتعلق بعمل الكتلة الشعبية، فتؤكد المصادر أن هدف ميريام حاليا، «إنشاء حزب منظم. منذ سنة ونصف سنة صدر العلم والخبر وهناك لجنة تأسيسية ونظام سياسي. صحيح أنه لا يوجد أمين سر، ولكن هناك محاضر في الجلسات». وعن وصية سكاف، تؤكد المصادر أنه «لا توجد وصية مكتوبة، والناس ليسوا أملاكاً نُجيرها»، لكن «سكاف كان يُخبر زواره بأن ميريام ستكمل المسيرة». وحتى في اجتماع «المكتب السياسي الذي كلّف ميريام رئاسة الكتلة، كان ميشال حاضراً وطُلب منه قراءة البيان، فرفض مُتحججاً بضعفه في الإلقاء». هذا الأمر تنكره مصادر ميشال وتؤكد أنه انسحب قبل ساعة من انتهاء الاجتماع. تبدو ابنة طوق، التي تحارب على جبهات عدّة في آن واحد، مرتاحة: «ما زلنا نحظى بعطفٍ شعبي، بسبب صورة اللقاء في السفارة السورية ولأن ميريام ترفّعت عن أحزانها وزينت زحلة»، حسب المصادر. أما على جبهة «ميمو»، فأسفٌ لأن «أبشع ما قيل أنهم يكسبون حين يُعادون الآخر».