دخل سلك القضاء ٤٠ «تلميذاً قاضياً» فازوا بمباراة الدخول إلى معهد الدروس القضائية. وفيما برز بروزاً لافتاً في النتائج المعلنة رسوب العدد الأكبر من أبناء القضاة المتقدمين إلى المباراة، أُعيد السجال بشأن آلية الاختبار والتوزيع الطائفي في الجسم القضائي
أُعلنت نتائج اختبارات مباراة الدخول إلى معهد الدروس القضائية بقبول أربعين قاضياً متدرّجاً جديداً. ورغم كل ما أُثير عن رجحان كفة أبناء القضاة في الامتحانات الخطية والشفوية، إلا أن النتائج جاءت مغايرة للتوقعات.
ومن أصل ١٧ شاباً وشابة من أبناء القضاة تقدموا إلى مباراة الدخول، فاز ستة فقط. وقد حظي بالقبول أبناء كل من القضاة جان فهد وحسن شاهين وغسان فواز وطنوس مشلب وتيريز علّاوي وفيصل حيدر، الأمر الذي استند إليه عدد من القضاة للقول بنزاهة الاختبارات وحياديتها لعدم أخذها بالاعتبار أبناء أحد عشر قاضياً آخرين. فيما ذهب قضاة آخرون للتشكيك عبر القول: «مجرّد أن أبناء القضاة الكبار اجتازوا الاختبار، فذلك يبيح لنا التساؤل؟». غير أن ما برز لافتاً عقب إعلان النتائج، إرسال إحدى شركات خدمة الرسائل العاجلة «رسالة مشبوهة» تحدثت عن «اتصالات بين الأفرقاء المسيحيين تحضيراً لمواجهة جديدة بعد نجاح ١٥ مسيحياً مقابل ٢٥ مسلماً في مباراة دخول معهد الدروس القضائية». أوحت الرسالة «الملغومة» كأنما هناك «تكتلات» طائفية من لونٍ معين تحاول الهيمنة على العدلية، علماً أنّ نتائج مباراة الدخول السابقة كانت معاكسة، من حيث التوزيع الطائفي، إذ نجح حينها ٢٢ قاضياً مسيحياً مقابل أحد عشر قاضياً مسلماً. وبذلك يكون أولو الأمر في القضاء قد أدّوا قسطهم في عدم المس بـ «آية» ٦ و٦ مكرّر حرصاً على التوازن الطائفي. هذه الرسالة أعادت إلى الأذهان «مشادة» قديمة خرجت إلى العلن داخل البيت القضائي منذ أشهر تتعلّق بالتعديل الطارئ على آلية الاختبار المتبعة.
رَسَب 11 متقدماً من أبناء القضاة إلى معهد الدروس القضائية، وفاز 6 من أبناء «كبار القضاة»
علماً أن الصيغة السابقة كانت تقضي بإجراء مقابلة شفوية مع المرشح لتقويم الشخصية، تجري أولاً، وعلى أساسها يُجرى الامتحان الخطي بخمس مواد، منها اللغة الفرنسية. أما الصيغة الجديدة للاختبارات فصارت تقضي بـ «التحفّظ» عن نتائج الاختبار الخطي من دون كشفها، إلى حين إجراء المقابلة الشفوية. يصار بعدها إلى إعلان نتيجة واحدة، أي مجموع الخطي والشفوي الذي يقرر نجاح المرشّح أو رسوبه. هذا الأسلوب طرح علامات استفهام لجهة شفافية الامتحانات، بحسب قول أحد القضاة، ولا سيما أن قرار نجاح المرشح أو رسوبه صار مرتبطاً باللجنة التي «تستنسب» إذا كان المرشّح المتقدّم «ابن عيلة وأهلاً ليصبح قاضياً أو لا». وقد ذهب بعض القضاة إلى اعتبار أن التعديل الطارئ على شكل الاختبار، في ظل الحالة التي وصلت إليها الحال في العدلية، من شأنه ضرب امتحانات معهد الدروس القضائية، الحصن الأخير للعدالة الذي بقي سليماً. غير أن تبريرات القضاة المناصرين لتجديد الآلية، اعتبروا أنها تُتيح لهم الأخذ بالاعتبار شخصية القاضي المتقدم وتُتيح التحكم باختيار قضاة ذكور على حساب القضاة الإناث اللواتي بتن شيئاً فشيئاً يغلبن على المشهد العام للعدلية. وهذه الصيغة المستحدثة كانت قد استُخدمت في مباراة الدخول السابقة. غير أنّ ما أثار لغطاً بشأن المضي فيها مجدداً، كون ١٧ مرشحاً هم أبناء قضاة، فضلاً عن تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد، رئيساً للجنة المشرفة على الامتحانات، في حين أن ابنه من بين المتقدمين لمباراة الدخول مع أبناء قضاة آخرين. وهذه اللجنة معنية بكل ما يتعلق بمباراة الدخول باستثناء وضع الأسئلة والتصحيح. وينقل أحد القضاة لـ«الأخبار» أنّ «وزير العدل المستقيل أشرف ريفي أرسل يومها كتاباً إلى فهد بشأن كونه رئيس هذه اللجنة، غير أن الأخير لم يردّ على كتاب الوزير». ويشير القاضي المذكور إلى أن «ريفي كان قد حذّر في كتاب سابق من خلط الامتحانات الخطية مع الشفهية».