يبدو أنّ الحملة التي بدأت منذ 6 أشهر وأكثر على البنوك من إعلام المقاومة والممانعة بعدما أخفقوا بالقضاء على النظام المالي انتقلوا الى القضاء اللبناني، هذه السلطة التي لا تزال تعمل وتنتج بالرغم من التدخل السياسي ولكنها ولله الحمد ما زالت ثابتة في مواقفها الوطنية خصوصاً في ظل ما يعانيه بعض المحاكم الخاصة من تدخلات غير مقبولة وغير طبيعية بالذات في ما يتعلق بأحكام المتعاملين مع إسرائيل وغيرهم من ارتكاب جرائم وتجارة المخدرات.
القضاء اللبناني لا يزال يقف حاجزاً ضد تنفيذ مؤامرة إلغاء الدولة وطبعاً إلغاء «الطائف».
والمشكلة الحقيقية هنا عدم محاسبة الذين يتحملون مسألة تأزم مشكلة الكهرباء منذ 30 سنة والتي كلفت الدولة 46 مليار دولار أميركي خصوصاً أنّ الفريق الذي تسلم هذا الملف ينتمي الى جهة سياسية واحدة، كذلك وثانياً عدم محاسبة الذي تسبب بحرب تموز التي كبدت اللبنانيين 5000 قتيل وجريح من الجيش اللبناني و»حزب الله» والشعب اللبناني والتي أيضاً تسببت بـ15 مليار دولار أميركي خسائر في البنية التحتية وخلافه طبعاً هي دين على الشعب اللبناني يضاف الى الدين العام الذي سببه كما قلنا أولاً الكهرباء وثانياً حرب تموز كما قال السيّد «لو كنت أعلم»… أما ثالثاً فموضوع التوظيف العشوائي الطائفي الذي يكلف سنوياً حسب تقرير البنك الدولي 4.5 مليار دولار عن 64 ألف موظف.
المصيبة الكبرى أنّ الذين تسببوا بهذه الخسائر هم الذين يريدون أن يحاسبوا أولاً من عمّر البلد، فكلما جاء مسؤول ينتمي إليهم حتى ولو كان يلبس «قبعة الإخفاء» ولكن من سياسته تعرف الى من ينتمي ومن أين يتلقى الأوامر لكي ينفذها ويقول إنّه ليس مسؤولاً عن الديون التي تسببت بها سياسات الحكومات السابقة التي اعتمدت أولاً على سياسة الاقتصاد الريعي وليس الاقتصاد المنتج، وكأنّ لبنان بلد زراعي… إذ انه لا يعلم أنّ مساحة لبنان هي فقط 10452 كيلومتراً مربعاً، ومساحة سوريا 160 ألف كيلو متر مربع، وأنّ اليد العاملة في سوريا رخيصة جداً مقارنة مع لبنان، وكذلك الحال بالنسبة لجمهورية مصر العربية.
الاقتصاد اللبناني يعاني منذ زمن بعيد من غلاء سعر الكهرباء وغلاء اليد العاملة ومنافسة السلع المستوردة خصوصاً من الصين والشرق الأقصى التي تنافس إنتاج معظم بلدان العالم.
المورد الوحيد الحقيقي للبنان هو السياحة فقط لا غير… والسياحة هي السياحة السعودية والخليجية والعربية فقط لا غير، طبعاً لسنا بحاجة الى السياحة الايرانية لأنّ الشعب الايراني يعاني من الفقر حسب الإحصاءات فإنّ 40٪ من الشعب الايراني تحت خط الفقر و40٪ منه يتلقى مساعدة من الدولة بقيمة 40 يورو شهرياً من مواد غذائية (أرز وسكر ومعلبات…).
نعود لنقول يا جماعة لن تستطيعوا أن تغيّروا «الطائف»، لن تستطيعوا أن تغيّروا النظام في لبنان بسلاح ومن دون سلاح، اللبناني شعب حر يرفض أن يكون محكوماً من أي دولة في العالم… اللبناني يفتخر ويعتز بنظامه الديموقراطي الحر.
القضاء اللبناني عصي على السياسات والسياسيين لأنّ هذا الشعب حر بطبعه ونشأته وبنظامه.
أما التدخل في القضاء فمن مظاهره أنّ وزيرة العدل أوقفت التعيينات القضائية بعدما قابلت رئيس الجمهورية ومعه وزير البلاط المحامي سليم جريصاتي فردّت التشكيلات في كتاب الى مجلس القضاء الأعلى مرفقاً بثلاث ملاحظات… لا بأس بذلك ولكن ستبقى الكلمة للمجلس الأعلى للقضاء ليحدد موقفه النهائي.
كلمة أخيرة، لا بد من قولها: تحية شكر وتقدير على جهود المدعي العام التمييزي الذي أنقذ القضاء والمصارف في الوقت ذاته، وشكراً على «الوصايا السبع» التي أقرّت في الاجتماع بين القاضي غسان عويدات وجمعية المصارف ونطلب مزيداً من التنسيق بين الجانبين اللذين أثبتا انهما حريصان على قطاع المصارف، هذا القطاع الذي كان مفخرة للبنان، وأقول هنا: حلّوا عن المصارف وكفى تنظيراً… وحلّوا عن القضاء وكفى تدخلاً… لأنّ مشروعكم ساقط.