IMLebanon

حادث الكحالة دق ناقوس الخطر لحل مشكلة السلاح قبل فوات الأوان

أثارت حادثة انقلاب شاحنة سلاح حزب الله في بلدة الكحالة الشهير، وتداعياتها الماساوية، مخاوف اللبنانيين من اعادة تكرار مشاهد الحرب الاهلية المشؤومة، في ظل اجواء الانقسام السياسي الحاد والتراشق السياسي الذي تجاوز في جوانب منه حدود الانتقاد واللوم السياسي المعهود، إلى تهديد المعارضة وتحديدا حزب الكتائب، باعتماد اساليب مبطنة تخفي في طياتها نذر مخاطر غير محمودة.
لم يكن مرور شاحنة سلاح الحزب عبر بلدة الكحالة، أمرا مستجدا ومستغربا، لان عبور شاحنات سلاح حزب ألله والمواد الاخرى، يحصل على مرأى ومسمع وبموافقة القيادات السياسية والامنية والعسكرية باستمرار، انما ادى انقلاب الشاحنة بحمولتها، في منطقة ليست موالية للحزب شعبيا وسياسيا، إلى استفزاز الاهالي بعد انكشاف حقيقة حمولتها ومخاطرها المحدقة والتصرف الاستفزازي للعناصر المسلحة الحزبية المرافقة.

شكل حادث الكحالة، من جميع نواحيه، بحالة الاحتقان وتطوره إلى استعمال السلاح غير الشرعي وسقوط الضحيتين، وتحريك الضغائن والمشاعر الطائفية، صورة واقعية لأجواء الاحتقان السائدة في كافة المناطق اللبنانية، جراء استمرار هيمنة سلاح حزب الله على مفاصل الدولة والحياة السياسية وتهديده المتواصل لامن اللبنانيين واستقرارهم ومستقبلهم، متفلتا من اي ضوابط قانونيه بحجة مقاومة إسرائيل.
نجح الجيش اللبناني والقوى الامنية هذه المرة بتطويق حادث الكحالة، وتعالت الاصوات العاقلة لوقف تداعياته ولجم الدعوات الانفعالية، لردات فعل غير محسوبة، ولكن بقيت مسببات ماحصل على حالها من دون علاج جذري وحلول مقبولة، توفر على اللبنانيين، نشوب احداث مماثلة في مناطق اخرى، لاتوالي الحزب سياسيا، على غرار ماحصل في الكحالة بالامس وقبله في خلدة وبلدة شويا جنوبا.
وكما يرفض اكثرية اللبنانيين، الانسياق للمشاعر وردات الفعل وتأجيج العصبيات والمشاعر الطائفية والمذهبية، واعادة التحريض الفتنوي بهدف اشعال الحروب الاهلية المشؤومة، لم يعد ممكنا الاستمرار في التغاضي عن بقاء مشكلة سلاح حزب الله الايراني، سيفا مسلطاً على رؤوس اللبنانيين دون حسيب او رقيب ومستمرة على المنوال الحالي، من دون حل مقبول، من خلال الاستراتيجية الدفاعية اوغيرها، يضع السلاح ضمن الضوابط الشرعية والقانونية، لمصلحة لبنان كله.
لم تعد ذرائع التلطي بمقاومة إسرائيل، اوموانع الظروف الاقليمية تكفي لإبقاء سلاح حزب الله على حاله، يستغل بالداخل لمصادرة الحياة السياسية وترهيب معارضيه وحتى اغتيال قياداتهم السياسية والفكرية، كما حصل منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام ٢٠٠٥، من دون ردود فعل تهدد وحدة لبنان وتنذر بعواقب خطيرة ومدمرة.
حادث شاحنة حزب الله في الكحالة، بتداعياته الدموية، واجواء التصعيد المقلق التي خيمت عليه، دق ناقوس الخطر من احتمال تكراره مستقبلا في أي منطقة اخرى، وقد يصعب تطويقه في حال تداخلت عوامل مستجدة، محلية او خارجية يصعب لجمها والمنطقة تشهد على تطورات متسارعة، وقد يمتد ليهدد لبنان كله، وعندها سيكون الجميع متضررا، وليس طرفا او جهة او طائفة دون الاخرى.