يواجه “حزب الكتائب” في “عروس البقاع” حالة شح بين عنصر الشباب، وانقساماً فعلياً بين القيادة الكتائبية في إقليم زحلة والمحازبين، ما انعكس صراعاً داخلياً بين رموز القيادة البقاعية أنفسهم، وانتقل من المرتبة الأولى في التراتبية الحزبية في المدينة الى المرتبة الثالثة، وبالتالي ساهم في موت الحياة السياسية في المدينة، لأن هذا “الحزب” يعتبر من أقدم الأحزاب التي مرت في المدينة، والوحيد الذي لا يمكن اعتباره مارقاً في حياتها السياسية، بل كانت “دار السلام” المربط الثاني له على مساحة لبنان، إلى أن أصبح حضوره مقروناً بوزير ونائب سابق، فيما محازبوه متروكون لقدرهم، منهم من استسهل ركوب موجة السلطة وتسلق حزب الحكم الحالي “الوطني الحر”، والبعض الآخر إلتحق بصفوف “القوات”، أما الكتائبيون القدامى فلم يخرجوا بعد من تحت “العباءة السكافية”، على حد تعبير أحدهم.
أسباب “الترهل”
هذا الانقسام الذي أصاب “الحزب” بدأ منذ إبعاد رئيس إقليم زحلة السابق روجيه زلاقط، وترجم الإنقسام الكتائبي في الانتخابات النيابية الأخيرة، بعدما أتت النتيجة بمثابة “صفعة” للوزير والنائب السابق إيلي ماروني من القيادة الجديدة، خصوصاً أنّ عدد البطاقات الحزبية قبيل الانتخابات النيابية وصل إلى 1400 بطاقة، على حد تعبير أحد القياديين في إقليم البقاع. فيما يعتبر مقربون من ماروني أن تشتيت الصوت الكتائبي بين سكاف والقوات ينعكسان سلباً على واقع تحالفاته الانتخابية المستقبلية لأن عدد الأصوات التي نالها ماروني 1200 صوت لم تكن جميعها كتائبية إنما هي أصوات لمؤيدين لماروني.
يعيد كتائبي قديم إشكالية “حزب الكتائب” حالياً، إلى المشكلة التي أودت بحياة شقيق النائب السابق ماروني، نصري ماروني وسليم عاصي، الاثنان كتائبيان واتهام محازبي سكاف بقتلهما، والتي أدت الى قطيعة فعلية بين إيلي ماروني والكتلة الشعبية، ما حدا بقياديين كتائبيين لأن يطرحوا ضرورة تحالف الكتائب مع سكاف، وعلى قاعدة “الخروج من دائرة صراع ايلي ماروني وبيت سكاف”، بحكم أن غالبية كتائبيي زحلة هم من الطائفة الكاثوليكية، ومحسوبون على سكاف.
فيما اعتبر كتائبي آخر أن “الإشكالية بين حزب الكتائب والزعامات الزحلية التقليدية ليست جديدة ولا هي بنت اللحظة، وليس لماروني الذنب فيها، إنما هي قديمة منذ تأسيس “الحزب” كون الاقطاعيين اعتبروا “حزب الكتائب” أتى ليلغيهم، وكذلك “الحزب” كان وما زال ضد الاقطاع، وبالتالي علاقة “الكتائب” مع الزعامة السكافية لم تكن قائمة الا ضمن مصالح محددة حيناً للمدينة وأحياناً للطائفة”.
ماروني يمدّ اليد للرفاق
محاولات القيادة المركزية لترميم ما صدعته “الكيدية” لم تصل بعد إلى نتيجة لأن “الحزب”، بحسب متابعين، لم يقم بمراجعة جدية، ولم يبنِ صيغة المحاسبة والتحقيق من دون دعم طرف على حساب طرف آخر، ويرى كتائبيون أن المراجعة ما لم تلحظ الهيكلية في الأقاليم وكيفية ادارتها بمعزل عن المركزية، لا بد من دعم للقيادة المناطقية، الأقاليم والأقسام المالية والسياسية والاعلامية، ليتمكنوا من القيام بالدور الحزبي المطلوب.
ولم يخفِ الوزير والنائب السابق إيلي ماروني لـ”نداء الوطن” إشكالية “حزب الكتائب” الداخلية في زحلة، قائلاً: “لا يمكن إخفاء الواقع، هناك إشكاليات كتائبية في زحلة، يتم التداول فيها بين أهل المدينة”، ليردف: “هناك مساعٍ جدية من قبل رئيس “الحزب” سامي الجميل والرئيس أمين الجميل لرأب الصدع، وترميم العلاقة بين الكتائبيين الزحليين، وذلك قد يتطلب بعض الوقت”، وأفصح ماروني أنه خلال اجتماع المكتب السياسي قال: “لأنني عضو مكتب سياسي ألتزم بكل قرارات “الحزب”، وطالبت بتشكيل لجنة تحقيق حزبية تحقق بكل ما جرى منذ 10 سنوات حتى اليوم في إقليم زحلة”.
وتابع: “حزب الكتائب” في زحلة منذ تاريخ تأسيسه 1936، أعطى الكثير من الشخصيات الكفوءة والتي كان لها دور في المدينة، ليتطرق إلى أنه ومجموعة من رفاقه الحزبيين إستلموا بيتاً واحداً للكتائب مدمراً من قبل الاحتلال، وبعدها سلمنا عشرة بيوت في زحلة، وهذا دليل واضح على علاقتي الجيدة مع معظم الحزبيين باستثناء قلة كانت غائبة، وختم ماروني: “آمل من المساعي المبذولة أن تعيد اللحمة بين الجميع”، وأردف: “ألتزم الصمت إعلامياً عن التفاصيل إلا أمام القيادة الحزبية، عندما تفتح التحقيق في ما جرى ويجري في زحلة، أريد التحقيق لنأخذ جميعاً العبرة وننطلق في عملية إعادة البناء الحزبي، لذا أمد يدي إلى كل الرفاق للتعاون لإعادة الإقليم إلى ما كان عليه في 2008 و2009”. الروحية الرفاقية وليس الفوقية
من جهته، لفت عضو المجلس الكتائبي سابقاً يوسف مخول إلى أن “الكتائب” في زحلة “كان ذاهباً بتوجه معين”، واعتبر أنّ “المستجد هو عندما قامت القيادة بنقد ذاتي وبمؤتمر تحت عنوان العودة الى الجذور، وتمّ التركيز على الروحية الكتائبية وأنشئت أكاديمية حزبية لتطبيق هذا التوجه تحت شعار “زمن التغيير”، وليس الهدف التغيير بالأشخاص انما التغيير بالروحية والتعاطي مع الناس”، وأضاف: “الروحية القديمة ترتكز على قاعدة الروحية الرفاقية وليس الروحية الفوقية، التي اعتمدها ماروني طيلة عمله الحزبي”، وأكد مخول أن “قيادة البقاع وجميع الحزبيين ملتزمون كل ما يصدر عن المكتب السياسي وما تطرحه القيادة في هذا الخصوص، وما قد يساهم في إعادة الانتظام الحزبي الذي يجب على الجميع الالتزام به”.