Site icon IMLebanon

انتخابات كسروان… والبطريركية المارونية

معظم الطبقة السياسية في لبنان منذ الاستقلال وحتى اليوم ما زالت دائرة كسروان الانتخابية تشكل مؤشراً واضحاً للمسار العام لشؤون الدولة ما عدا مرحلة المقاطعة في العام 1992 وما تلاها من تهميش للدور المسيحي الذي يمكن ان تمثله هذه المنطقة ليس لان عديد نوابها الخمسة هم مغايرون عن بقية نواب كافة المحافظات والمناطق الا انها تحمل في طيات النجاحات والفوز النيابي إما تكسيراً وغضباً من السلطة او تعاوناً وتهاوناً معها، الا ان هناك اجماعاً عاماً في البلاد على ان لهذه الدائرة قوة معنوية مسيحية ولبنانية بامتياز منذ بداية لبنان الكبير، وتدور الايام عليها اما اجحافاً سياسياً وانمائياً على الرغم من كون الكلام المسيطر حولها انها مكتفية فيما حقيقة الامر والواقع القائم يشيران الى ان الحرمان فيها يضاهي اكثر المناطق في ارياف بعض المحافظات، ولا شك يقول وزير سابق كسرواني ان وجود البطريركية المارونية فيها والدلالات التي يحملها بطريرك الموارنة منذ تأسيس الكيان يعطيانها دفعاً معنوياً بأنها الاساس والمبتغى في الحياة السياسية في جبل لبنان عموماً منذ ايام بشارة الخوري الى الرئيس الراحل كميل شمعون وصولاً الى الرئيس العماد ميشال عون الذي لم يترشح فيها عن عبث بل لأنها تمثل العصب الماروني في الشرق بأكمله، ويضيف الوزير السابق ان وجود البطريرك الماروني في هذه الدائرة وان لم يكن على التصاق بالعملية الانتخابية بشكل محسوس بفعل المساحة التي وضعتها بكركي منذ اجيال المتمثلة بالتوجيه والارشاد دون الوقوف مع فريق دون آخر ولذلك ان اكتساب صفة نائب عن منطقة كسروان لها نكهتها الخاصة فهي في المقام الاول سبيل يسهل الوصول الى الوزارة وما بعدها على فرضية التمثيل الماروني في الحكومات، ولا يخفي هذا الوزير السابق ان بكركي مع وصول المرشح الاكثر شعبية في المنطقة والذي يستطيع ايصال صوتها الى المنابر في السلطة التنفيذية في البلاد ولطالما كانت العلاقة بين نواب كسروان والبطريركية المارونية على خير ما يرام مع بعض الاستثناءات والتي لا تشكل مؤشراً الى ديمومة الامر على ما هو من السلبية بين الطرفين، ومن هذا المنطلق كان البطريرك الحالي مار بشاره بطرس الراعي يسير على خطى من سبقه في الكرسي البطريركي خصوصاً في الآونة الأخيرة حيث تعثرت ولأول قانون جديد للانتخابات وكانت جهود الراعي منصبة ليل نهار من اجل تقريب وجهات النظر بين الافرقاء والاكثر من ذلك ان صوت الراعي يدوي كل يوم للتلاقي حول القانون الجديد لعلمه ان الوصول الى الفراغ النيابي يودي بالبلد الى الهلاك، ويكشف الوزير السابق ان البطريرك الراعي لم يكن ولن يكون يوماً مع هذا المرشح او ذاك خصوصاً في رعيته المصغرة كسروان وكل زواره الذين يلتقون به كما صاحب المصدر لا يستطيع اخذ البركة سوى على خوض الانتخابات وفق القواعد الديموقراطية وهذا يبيّن ان البطريرك يقف على مسافة واحدة من الجميع بشكل حقيقي وهو في طبيعة الحال لن تزداد قوته ان عمل على تفضيل فلان على اخر بل ان المرشحين انفسهم بحاجة اليه وهو ليس بحاجة الى فائض من القوة من خلال نائب بالزائد او بالناقص وفق القواعد التي يستمد منها قوته وهي مناعة الكنيسة وليس عديد النواب او اسمائهم، ويكمل الوزير السابق بالقول ان البطريرك الراعي يعامل الجميع كأبنائه بالتساوي داعياً اياهم الى تقبل الخسارة كما الربح تماماً ما دامت ارادة الشعب أفرزت هذه النتائج، ولا يظنن أحد ان بطريرك انطاكيا وسائر المشرق يمكن ان يتدخل في تفاصيل العملية الانتخابية او يقدم اسماً على آخر وهذا ما يعلمه الزائرون الى بكركي بوضوح ليوضح الوزير السابق ان للبطريرك نظرة خاصة للمرشحين دون اي تدخل في العملية الانتخابية ولكن لديه صيغة تفضيلية لعنصر الشباب الذي يعمل على الانماء والتطوير نظراً لحاجة المنطقة الى هذه الوجوه واذا عادت لسيد بكركي تكون امنيته تنافس بين لائحتين او اكثر من الشباب او غيرهم وعلى أهل كسروان يقع الخيار، وما ينطبق على هذه الدائرة يمكن اسقاطه على مختلف المناطق نظراً لتطلع البطريرك الى محاولة النهوض بالبلد عموماً وليس بالمناطق المسيحية فقط.

وما يتطلع اليه السيد البطريرك يطبقه المطارنة في ابرشياتهم في مختلف الاراضي اللبناني وهكذا بالامكان تكوين رؤية موحدة للكنيسة المارونية حول الانتخابات النيابية ان كان في جزين او بعبدا وبشري وبقية الدوائر حيث للاكلروس دور ارشادي وطني عام لا يمكن تخطيه تحت اي ظرف كان مع تفضيل لمرشحين ذوي رؤية سياسية وطنية. ولكن هل يطلب بعض المرشحين من البطريرك العمل على تزكيتهم في اي لائحة؟؟

لا شك يقول الوزير السابق ان لدى البعض من المرشحين هذه النزعة ولكن هذه الطلبات لم تكن يوماً مصدر ترحيب من سيد بكركي قطعياً بل ان كلام الراعي يتمثل بالدعوة الى العمل على الارض ومع الناس سبيلاً لقبوله في اية لائحة، واذا كان البطريرك يبتعد عن تسمية مرشح لرئاسة الجمهورية فالأحرى انه يُبعد هذه الكأس مسافة اطول كي لا يقال يوماً ان هذا او فلاناً مرشح بكركي، هذا لم يحصل سابقاً ومن المستحيل ان يحصل حالياً وتعب بعض رواد الصرح في هذا المجال سيذهب في مهب الريح لان الكنيسة لن تسجل اي سابقة في هذا المجال في الحاضر والمستقبل. وهل للبطريرك الماروني مرشحون يمكن التعويل عليهم؟ يجيب نائب عام للبطريركية المارونية بضحكة طويلة ويعقب بالسؤال: نحن ما لنا ولهذا الامر لم نكن في السابق ولا بعد مئات السنين في هذا المضمار لان اي تسمية لمرشح ما اذا ما حصلت لا قدر الله ذلك سوف لا تقدم او تؤخر في مسار الكنيسة، وبالتالي، ما حاجتنا الى نائب من هنا او هناك فيما الوطن بأكمله وأهله هم ابناؤنا… يعود ويضحك ويقفل الحديث نهائياً.