IMLebanon

مفتاح الجلسات الحكومية

في الأسابيع القليلة الماضية هدّد رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون أكثر من مرّة بشلّ العمل الحكومي عبر مقاطعة الجلسات، وهو نفذ هذا الأمر خلال الجلسة الأخيرة. وفي الأسابيع القليلة الماضية أكّد «حزب الله» أنّه سيَتضامن مع حليفه البُرتقالي في أيّ خطوة يتّخذها، وهو نفذ ذلك خلال جلسة يوم الخميس الماضي الوزارية، ومعه كلّ من وزيري «حزب الطاشناق» و«تيّار المردة». وعلى خطّ مُواز، وبعد أن قام رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي بتأمين النصابين القانوني والميثاقي للجلسة الحكومية برئاسة تمّام سلام، عبر مُشاركة وزيريه في أعمالها وفي قراراتها على الرغم من مُقاطعة ممثّلي فريق «8 آذار»، طلب رئيس السلطة التشريعيّة من رئيس السلطة التنفيذيّة التريّث بإطلاق أيّ دعوة إلى عقد جلسة وزاريّة أخرى في ظلّ المُقاطعة الحالية، وذلك إفساحاً في المجال أمام الجهود الرامية لإيجاد مخارج. فهل دخلنا عمليّاً في مرحلة الشلل الحكومي؟ بمعنى آخر، هل جلسة يوم الخميس 27 آب ستتحوّل إلى آخر جلسة لحكومة «المصلحة الوطنيّة»؟

بحسب أوساط سياسيّة مُطلعة إنّ تأمين وزيري حركة «أمل» الغطاء القانوني لجلسة يوم الخميس لم يكن خروجاً على موقف قوى «8 آذار» المُتضامن مع قرارات «التيّار الوطني الحُرّ»، بل كان توزيعاً للأدوار، بحيث جرى تمرير بعض البنود المُرتبطة بتسيير شؤون الدولة، وبرواتب القطاع العام، من دون التسبّب بأيّ إحراج للمقاطعين. وأوضحت أنّه لوّ شارك وزراء «التيّار» والحلفاء في الجلسة، لكانت المُناقشات أخذت منحى تصعيدياً، ولطيّرت الخلافات الجلسة من دون أي نتيجة كما في جلسات سابقة، أو في أحسن الأحوال لخرج المُجتمعون بقرارات رغماً عن مُعارضة العديد من الوزراء الذين يُمثّلون قوى أساسيّة، وهذا ما كان ليمرّ مرور الكرام، وكان ليُحرج الجميع، وفي طليعتهم الرئيس برّي.

ولفتت الأوساط السياسيّة المُطلعة نفسها إلى أنّه وبعد تمرير ما كان من المُلحّ تمريره من قرارات حُكوميّة بأقلّ ضرر ممكن، دخلت الجلسات الحُكوميّة مرحلة جديدة، حيث أنّ رئيس مجلس النوّاب لن يُواصل تأمين تغطية الجلسات من دون أن يُقدّم مُعارضو العماد عون أيّ تنازل. وأضافت أنّ هذا الأمر يعني عملياً فُقدان القدرة على عقد أيّ جلسة وزارية قانونيّة ميثاقية، وبالتالي إنتقال مفتاح الجلسات الحكوميّة من يد الرئيس سلام إلى يد الرئيس برّي! وتابعت الأوساط نفسها بالتأكيد أنّ الضغوط التي يُمارسها «التيّار الوطني الحُرّ» في السياسة وفي الشارع، بدعم من القوى الحليفة، ستتواصل وستتصاعد كما ثبت من كلام «الجنرال» الأخير خلال طرحه «خطة إصلاحيّة» للخروج من الأزمة، خاصة وأنّنا نقترب من إستحقاقات داهمة في أيلول وتشرين الأوّل المُقبلين، ومنها إحالة قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز إلى التقاعد، والتصويت على الإتفاق الغربي ـ الإيراني في الكونغرس الأميركي، إلخ.

وشدّدت الأوساط السياسيّة المُطلعة على أنّ «التيار الوطني الحُر» يُحاول حالياً، وبدعم من «حزب الله» وضع سلام، والفريق الذي يُمثّله ويدعمه، أمام خيارين: إمّا التجاوب لمطالب «الجنرال» بشأن آليّة إتخاذ القرارات في مجلس الوزراء، وبشأن إيجاد مخرج لمسألة التعيينات الأمنيّة يحفظ فرصة العميد روكز بالوصول إلى أعلى منصب عسكري ممكن، وبشأن الشروع في العمل الجدّي لحل مسألة الشغور الرئاسي، وإمّا شلّ العمل الحكومي كليّاً بالتزامن مع إستثمار التظاهرات الشعبيّة الناقمة على مختلف الأوضاع في البلاد، بهدف دفع الجميع مُرغمين إلى أيّ شكل من أشكال الحوار، أكان عبر طاولة مُصغّرة أم موسّعة، أو عبر مُؤتمر حواري شامل، إلخ. وأضافت أنّه في هذه الحال الأخيرة، سيتم تجاوز مسألة آليّة العمل الحكومي وقضيّة التعيينات الأمنيّة وغيرها من الخلافات الثانويّة، والذهاب بعيداً نحو دراسة سُبل إعادة تشكيل الحياة السياسيّة في لبنان، بدءاً بإنتخاب رئيس للجمهوريّة عبر التصويت الشعبيّ بعد إجراء التعديل الدستوري المطلوب، أو عبر التوافق على قانون إنتخابي جديد وفق مبدأ النسبيّة، مروراً بإنتخاب رئيس للجمهورية، وُصولاً إلى تشكيل حكومة وطنيّة جديدة تُواكب مرحلة التغييرات الإقليميّة الكبرى.

وختمت الأوساط السياسيّة المُطلعة كلامها بالتأكيد أنّ خطة «التيار الوطني الحرّ» واضحة، ودعم قوى «8 آذار» لها صار أكثر جدّية من أي وقت مضى. وقالت: «يبقى إنتظار ما ستقرّره قوى 14 آذار لمواجهة هذه الضغوط، بعد أنّ أضعف موقفها إعلان نوايا من هنا، ومُزايدة سياسيّة من هناك، وبلبلة في الرؤية السياسية العامة من هنالك.