شدّدوا لـ «المستقبل» على ثقتهم الكاملة بقائد الجيش ووقوفهم خلف «المؤسسة الأم»
أهالي العسكريين المخطوفين.. إلى «الأمل» الرابع
يحل العيد الثاني والسبعون للجيش مثقلاً وحزيناً هذا العام مع دخول قضية العسكريين المخطوفين لدى تنظيم «داعش» الإرهابي عامها الرابع، وسط انقطاع تام لأخبارهم منذ أكثر من سنتين ونصف السنة. ووسط هذه الحالة، يعيش الأهالي اليوم حالة من الخوف والترقب لتطورات الوضع في رأس بعلبك والقاع، مع التحضيرات التي تجري هناك من قبل الجيش تجهيزاً للمعركة ضد التنظيم الإرهابي الذي اختطف الأرض على مدى أربع سنوات والأحبّاء والأعزاء رفاق السلاح على مدى ثلاث سنوات.
وعشية عيد الجيش والذكرى الثالثة للخطف، يتابع أهالي العسكريين عن كثب مجريات الوضع في رأس بعلبك بقلق وخوف، مشددين في حديث إلى «المستقبل» أمس، على أن «العيد هذا العام يمر مثقلاً وحزيناً كما الأعوام السابقة وسط إستمرار وجود الأبناء في الأسر»، مؤكدين ثقتهم الكاملة بالجيش «قيادةً وضباطاً وعناصر وعلى رأسه قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي يضع هذا الملف في صلب أولوياته ويبذل الجهود الجبارة في سبيل فك أسر أبنائنا وتحريرهم».
ويشير الأهالي إلى أنه «بالنسبة لنا لا يوجد عيد لا اليوم ولا غداً طالما أن أبناءنا لا يزالون في الأسر وهذا جرح نازف في جسم المؤسسة العسكرية الأم»، مؤكدين أن «العيد عندنا يكون عند عودتهم سالمين إلينا وإلى مؤسستهم الأم».
في هذا السياق، يلفت حسين يوسف، والد العسكري المخطوف لدى «داعش» محمد يوسف في لـ «المستقبل»، إلى «اننا نعيش اليوم على أعصابنا ونتابع عن كثب مجريات الأمور التي تحصل على الأرض»، مشيراً إلى أن «هناك تخوفاً كبيراً على الرغم من أننا نتأمل أن تكون في هذه المرحلة خاتمة سعيدة لملف أبنائنا وإنهاء هذه المأساة».
ويشدد على «أننا نرى اليوم أن هناك توجهاً كبيراً من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ودولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وقائد الجيش العماد جوزف عون لحل هذا الملف بكافة الطرق والوسائل»، مشيراً إلى أن «تأخر الإعلان عن بدء المعركة مع تنظيم داعش هو ربما لإعطاء وقت للمسلحين وفرصة لهم للدخول في مفاوضات حيال هذا الملف».
ودعا يوسف «المسلحين إلى تلقف هذه الفرصة وفتح باب المفاوضات من أجل حل هذا الموضوع»، موضحاً أن «هذا لا يمنع القلق والخوف لدينا من عدم تجاوبهم وبالتالي الذهاب إلى معركة لها تأثيرها الكبير على حياة أبنائنا لأننا ندرك أنهم سيكونون في قلب الخطر، وستكون موجعة وقاسية بالنسبة لنا لأننا سنعيش لحظات صعبة لهذه الغاية لم نعش مثلها طيلة السنوات السابقة لأن الخطر زاد بنسبة مئة بالمئة على حياة أبنائنا، لكن إيماننا بالله كبير وثقتنا بقائد الجيش كبيرة جداً».
وعشية عيد الجيش، يكشف يوسف لـ «المستقبل» أنه زار بعض المواقع المتقدمة للجيش في عرسال ورأس بعلبك «وشعرت أن محمد يعيش بين رفاقه وأحسست بأن عطره موجود في تلك المنطقة، وشعرت كم أن هذا العسكري يحمل من أعباء ومسؤولية وكيف يقف بكل شموخ على الحدود لحماية البلد من أجل رد الأخطار»، متوجهاً إلى «هؤلاء الجنود الأبطال بتحية حب وتقدير وإعتزاز وفخر وإحترام، ومهما قدمنا لهؤلاء الأبطال لا نستطيع أن نفيهم جزءاً من تعبهم وأن نخفف عنهم جزءاً من المسؤولية التي يتحملونها».
وكذلك، يشدد يوسف على أنه «بالنسبة لنا كأهالي لا عيد لمؤسسة شريفة وطاهرة لديها اسرى مخطوفين لدى المجموعات المسلحة، وهي تدرك أن هذا جرح نازف ومؤلم وموجع كثيراً، وهذه المؤسسة جريحة بغياب هؤلاء العسكريين الأبطال»، متمنياً «أن تبذل المؤسسة كل الجهود من أجل عودة هؤلاء الأبطال وتعمل على تضميد هذا الجرح، ولنا ملء الثقة بقائد الجيش ونكنّ له الإحترام والتقدير وآمالنا جميعها معقودة عليه لأنه إنسان يضع ملف أبنائنا على رأس سلّم أولوياته أينما ذهب».
ويؤكد ان «الأهالي لن يقوموا بأي تحرك نظراً لحساسية الوضع، لكننا ندرك جيداً أن هناك جهوداً جبارة تُبذل من أجل إنهاء هذا الملف من قبل قيادة الجيش».
من جهتها، تتحدث أم خالد مقبل حسن، والدة الجندي خالد مقبل حسن، بمرارة وحسرة كبيرة عن «إستمرار إختطاف إبنها للسنة الثالثة على التوالي وسط غياب تام لأي أخبار عنه وعن رفاقه». وتقول لـ «المستقبل»: «لم يعد لدينا من أعصاب، وأتابع عن كثب مجريات الوضع والأخبار عن تطورات الجرود لعل وعسى أحصل على اي خبر يبرد قلبي»، مشددة على «ثقة الأهالي بقيادة الجيش»، ومتمنية «أن يعود العسكريون إلى أحضان عائلاتهم في القريب العاجل وننتهي من هذه المأساة المستمرة منذ ثلاث سنوات».
وتشير إلى أن «الأهالي يموتون كل يوم مئة مرة كل دقيقة وكل ثانية»، لافتة إلى «أننا اليوم نعيش في أصعب اللحظات التي لم نعشها من قبل طوال السنوات السابقة، ولم يعد لدينا أعصاب وننتظر بفارع الصبر أي خبر يطمئننا عن مصير أبنائنا ويبرد قلوبنا».
بدوره، يوضح نظام مغيط، شقيق المعاون أول المخطوف إبراهيم مغيط لـ «المستقبل» أن «عيد الجيش مناسبة تجمع ولا تفرّق، لكن بالنسبة إلى أهالي العسكريين المخطوفين هي كما باقي المناسبات مع غصة وحرقة وألم»، مشيراً إلى أن «كل أم تتمنى أن ترى إبنها بجانبها من أجل أن تعيّده بهذا العيد الوطني الكبير، وكل أخ يتمنى أن يرى أخاه من أجل أن يعايده بعيد مؤسسته الأم».
ويلفت إلى أن «الأهالي يعيشون اليوم في حالة من التخبط في ظل غياب الأخبار، لكن يبقى هناك أمل ورجاء من رب العالمين أن يكون هؤلاء العسكريون بخير وأن يعودوا إلى عائلاتهم في القريب العاجل»، مشدداً على أن «وضع الأهالي من سيئ إلى أسوأ وفي ظل هذه الأخبار والتشتت في هذه القضية».
ويؤكد مغيط «ثقة الأهالي بالمسؤولين عن الملف وعلى رأسهم قائد الجيش العماد عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ولكن عندما يكون هناك تعتيم أكثر على الملف يصبح الخوف أكثر لدينا»، آسفاً لـ «كون الملف مر عليه ثلاث سنوات من دون أي تقدم والدولة منقسمة إلى ثلاثة أقسام، جزء يعمل على الملف من كل قلب ورحابة صدر وبضمير وهؤلاء من نوجّه التحية الكبيرة لهم، وهناك قسم كالنعامة يطمر رأسه بالتراب عندما يفتح أحد سيرة هذا الملف لأنه يعرف مدى تقصيره، وهناك قسم يخرج بتصاريح عشوائية تؤذي الملف أكثر مما تخدمه بدون مسؤولية وبدون وعي وغير آبه لمشاعر الأهالي».
ويشدد مغيط على أن «أبناءنا عندما ذهبوا إلى المؤسسة العسكرية اصبحوا ابناء الوطن وهذا الوطن لا يجب أن يقصر بحق أبنائه»، مؤكداً «أننا قلباً وقالباً مع الجيش اللبناني في معركته التي سيخوضها في جرود القاع ورأس بعلبك وكلنا جنود الجيش اللبناني ونفديه بأرواحنا، ولكن هل سيقف الوطن الذي نفتديه بأرواحنا مع أبنائنا؟».
ويوضح أن «الأهالي لن يقبلوا مهما كلف الأمر بأن تحصل تسوية في جرود رأس بعلبك والقاع على دماء أبنائنا كما حصل في جرود عرسال، ولن نقبل بأن يخرج أحد من الدواعش حياً إذا كان أبناؤنا في عداد الشهداء ولو على يدنا كانت القصة»، مشدداً على «اننا سنقاتل إلى جانب الجيش ولن نسمح لأي أحد بالتطاول على أبنائنا وعلى وطننا مهما كلف الأمر».