دعوة الرئيس نبيه بري الى جلسة مناقشة عامة لسياسة حكومة استعادة الثقة، تطرح اكثر من سؤال وعلامة استفهام حول الاسباب الحقيقية الكامنة وراء هذه الدعوة ما دامت الحكومة التي شكلت قبل اكثر من اربعة شهور وحددت مهماتها الاساسية في انجاز الموازنة العامة، واقرار قانون جديد للانتخابات وإحالته الى مجلس النواب لدرسه واقراره قبل ان تنتهي المهل وتدخل البلاد في الفراغ الذي وصفه البعض بالقاتل ووصفه البعض الاخر بأنه يدخل البلاد في المجهول.
اول الأسئلة التي طرحت عشية عقد جلسة المناقشة العامة تركزت حول تقصير الحكومة حتى الآن في وضع قانون جديد للانتخابات على طاولة مجلس الوزراء فيما السباق مع انتهاء المهل على حده، وهل ان السبب هو شعور الحكومة مجتمعة بعجزها عن الاتفاق على القانون الجديد وتصبح هي المسؤولة عن دفع البلاد الى المجهول.
قد يختصر هذا السؤال كل الأسئلة الاخرى التي يمكن طرحها في هذا السياق، اذا ما نظرنا الى استمرار الجدال العقيم الدائرة بين القوى السياسية الممثلة بالحكومة حول هوية القانون الذي يمكن ان يرضى به الجميع، ولا يأخذ من احد منهم لمصلحة الاخر، فيما الوقت يداهم الجميع ليصلوا الى هاوية القرار ويدخلوا البلاد في المجهول المعلوم، اي في الفراغ القاتل او العودة حكماً لقانون الستين الذي يدعي الجميع رفضه لعدم توافر صحة التمثيل وعدالته التي يطالب بها الثنائي المسيحي، كشرط لا بد منه للذهاب الى الانتخابات النيابية.
اذا ما صح ذلك، فان جلسة المناقشة العامة للحكومة، تصبح ضرورية لانقاذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الاوان هذا في حال سهلت القوى السياسية الامر عليها واطلق يد مجلس الوزراء في وضع قانون جديد قبل منتصف الشهر الجاري او حتى قبل العشرين من شهر حزيران الموعد النهائي لولاية المجلس الحالي المحددة والدخول في المجهول.
وزير الخارجية جبران باسيل الذي يظهر للرأي العام اللبناني حدد الاسبوع الجاري موعداً لقيامة القانون الجديد، وإن كان لا يزال ينتظر ملاحظات حزب الله على اقتراحه الثالث المبني على الارثوذكسي والنسبية، لكي يبني على الشيء مقتضاه اذا صح التعبير، فجاء جواب الحزب على لسان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بالاصرار على النسبية الكاملة ولو كان ذلك وفق القانون الذي اقرته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي السابقة، ما يفهم منه ان المراوحة لا تزال سيدة الموقف، وان ابواب الانتخابات ما زالت مسدودة والطريق الوحيد مفتوحاً على الفراغ او على التمديد القسري للمجلس الحالي او على اجراء الانتخابات على اساس الستين ما دام ان لا مجلس نواب بعد العشرين من حزيران يقر قانوناً جديداً للانتخابات وما دام ان لا صلاحية تشريعية الحكومة كما يدعي بعض الفقهاء القانونيين، فهل يكون الحل بعودة الرئيس بري الى مشروعه السابق المبني على المناصفة بين الاكثري والنسبية وهو ما تحدث عنه بعد ان حدد جلسة المناقشة العامة لسياسة الحكومة، وهل يمكن للحكومة في ظل استمرار الخلاف بين القوى السياسية ان تتبنى هذا المشروع في اول جلسة تعقدها بعد الانتهاء من المناقشة العامة، بعد ان يكون الجميع بمن فيهم حزب الله قد سلموا بهذا المخرج.
من المنطقي ان يكون الهدف الاساسي للرئيس بري من مناقشة الحكومة هو الخروج من الحلقة المفرغة القاتلة واعادة طابة البحث الانتخابي الى ملعب الحكومة مجتمعة، فتنكب على مناقشة المشاريع المطروحة وصولاً الى مشروعه الذي لا يزال يشكل قاسماً مشتركاً بين جميع المشاريع المطروحة، الا اذا كانت غاية الجميع الوصول الى الفراغ القاتل او الى التمديد القسري للمجلس الحالي.
د. عامر مشموشي