الرئيس الذي فجّر الحوثيون منزله على رأسه هو الذي له الفضل بأن أصبح الحوثيون الرقم الصعب في اليمن…
وكما يُقال انقلب السحر على الساحر.. وهذا ما حصل مع «الشاويش» الذي استطاع بحنكته وذكائه الفطري أن يتحوّل من شاويش في الجيش اليمني الى رئيس جمهورية اليمن، وليس أي رئيس، بل من أهم الرؤساء في تاريخ ذلك البلد.
يقول البعض: يمكنك أن تستأجر اليمني ولكنك لا تستطيع أن تشتريه، وعلى هذه السيرة لا بد أن نتذكر المغفور له الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع السعودي، شقيق الملك الراحل فهد رحمه الله، هذا القائد التاريخي المحنّك عرف كيف يتعامل مع اليمنيين لذلك كان فاتحاً «جاروره» المالي.
واليمن بلد صعب جداً مثل جغرافيته ذات الجبال الشاهقة والوديان السحيقة، والارض الصخرية الصلبة، فهو يتألف من مجموعة من الجبال طرقاتها وعرة المسالك… كذلك فإنّ صنعاء عاصمة اليمن مدينة تفتقد الى الأوكسجين الضروري بسبب ارتفاعها عن سطح البحر، وهناك مشكلة يمنية مزمنة تتمثّل بأنّ اليمنيين مدمنون على تخزين «القات»، وهذه النبة توضع في الفم ويلوكها الذي يتعاطاها ساعات وساعات وتصيبه، حسب دراسة سابقة للأمم المتحدة، بنوع من الخدر.
نعود الى الرئيس الراحل علي عبدالله صالح الذي كما ذكرنا كان شاويشاً في الجيش اليمني واستطاع أن يصل الى الرئاسة بحنكته وذكائه وصبره، بداية كان «رئيساً موقتاً في العام 1978 حتى العام 1990، عندما توحّد اليمن وكان هو رئيسه الأوّل، وواجه بالحديد والنار المحاولة الإنفصالية في العام 1994، واستطاع أن يوحّد اليمن بشطريه الشمالي والجنوبي خصوصاً أنّ جنوب اليمن كان يتبع للمعسكر الاشتراكي ولكن بدهاء الرئيس علي عبدالله صالح توحّد اليمن لأوّل مرة بعدما كان هذا الأمر من الصعوبات الملحوظة.
عندما بدأت الثورة الشعبية في اليمن عام 2011 وعُرفت بـ»ثورة الشباب» وراح الشعب يطالب بتغيير النظام، استقال الرئيس علي عبدالله صالح ولكن أبقى الجيش خصوصاً الحرس الجمهوري تحت نفوذه لا سيما أنّ قبيلته هي الأكبر بين القبائل ومعظم عناصر الجيش من أفرادها، وهكذا تنحّى الرئيس ولكنه بقي الحاكم الفعلي غير الـمُعلن.
في العام 2014 دخلت إيران الى اليمن عن طريق الحوثيين الذين يعتبرون قريبين من الشيعة، ومدتهم بالمال والسلاح وبعض الرجال وبعض الخبراء بالصواريخ والتدريب على استعمالها.
عندما بدأت الثورة واستقال الرئيس علي عبدالله صالح ونكاية بشعبه أبرم اتفاقية مع الحوثيين، وهكذا استطاع الحوثيون أن يسيطروا على اليمن بعدما بدأت سيطرتهم على العاصمة صنعاء وكذلك حاولوا السيطرة على عدن (عاصمة الجنوب)… وعلى الاثر تدخلت المملكة العربية السعودية (في «عاصفة الحزم») لأنها لا يمكن أن تسمح بقيام دولة إيرانية على خاصرتها، وبفترة قليلة استعادت عدن وطردت الحوثيين وحلفاءهم… واليوم وبعد مرور ثلاث سنوات على الحرب الصعبة لا تزال صنعاء تحت يد جماعة صالح وجماعة الحوثيين.
لذلك بعد قتل الحوثيين صالح بالتفجير المعروف، قطع أي أمل بعودة التلاحم بين الحوثيين وجماعة صالح.
ولا شك في أنّه خلال فترة قصيرة سوف يتم القضاء على الحوثيين الذين لا يسيطرون إلاّ على 20٪ من مساحة اليمن، وقد يسأل البعض: لماذا دخلت المملكة الحرب في اليمن؟ ونجيب: إنّ المملكة دخلت الحرب مجبرة بعدما كذب علي عبدالله صالح على السعوديين وعاملهم بالنفاق والمراوغة بالرغم من أنهم أنقذوه يوم تعرّضه لمحاولة اغتيال بتفجير المسجد الذي كان موجوداً فيه، وتم نقله الى السعودية حيث جرى علاجه في المملكة حتى الشفاء التام.
في تقدير البعض أنّ شراء اليمني أفضل وأرخص من محاربته، ولكن اليوم وبعد الاتفاق الذي تم بين القبائل والسلطة الشرعية المتمثلة بالرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي والمملكة، فمن المؤكد أنّ جماعة علي عبدالله صالح مع ابن شقيقه يسيطرون على الحرس الجمهوري سوف ينتفضون ضد الحوثيين الذين أسروا نجل الرئيس القتيل، وسوف يتحالفون مع الإئتلاف العريض بقيادة المملكة العربية السعودية، وسوف يحرّرون اليمن ويعيدونه الى أهله الحقيقيين بعد طرد الحوثيين من صنعاء العاصمة ليعودوا الى مناطقهم لا حول لهم ولا طول.