Site icon IMLebanon

قانون الستين أو التانغو الأخير

طبيعي ان يكون طرح الحزب التقدمي الاشتراكي لقانون الانتخاب المختلط مناصفة، بين النسبي والأكثري، محور النقاشات هذا الأسبوع، ولا عجب ان لم يعجب دعاة النسبية الكاملة، ولا أنصار الدائرة الفردية، أو الصوت الواحد، وقد ينتهي الأسبوع باطلالة طروحات جديدة، من جانب الرئيس نبيه بري، وربما من جانب الرئيس ميشال عون الذي يعنيه اجراء الانتخابات، وبقانون جديد.

والمهم ان النقاشات ستستمر والمشاريع والاقتراحات ستتتالى كالأيام ومن دون ان تتشابه، بأمل الوصول الى أقرب هذه المشاريع قابلية للتوافق قبل محطة ١٥ أيار المفصلية، حيث ستكون أمام المفترق الحاسم، إما إقرار القانون، المفترض اتفاق الأطراف عليه في غضون الأيام الفاصلة عن هذا الموعد، واما إقرار اقتراح قانون التمديد، الذي كان تقدم به نائب زحلة نقولا فتوش.

لكن ثمة من يرى طريقا ثالثا للخروج من هذا المأزق الديمقراطي، وهو طريق قانون الستين الساري المفعول، والذي يريده البعض ولا يعلن ذلك، بحسب النائب غازي العريضي.

هذا القانون، قد يكون التانغو الأخير على مسرح الانتخابات التشريعية الراقصة، انطلاقا من كون البدائل التي طرحت عنه، لم تصمد، والذين رجموه بالحجارة على أنواعها والأحجام، ليس بينهم من هو بلا خطيئة، وقد حصل بالأمس على شهادة جدارة من غبطة البطريرك مار بشارة الراعي، للمرة الثانية هذا الشهر، عندما دعا العاملين على قانون جديد الى الاقرار بالفشل، وبالتالي السير بالانتخابات النيابية وفق القانون الساري المفعول، مع ما يلزم من تمديد تقني للمجلس الحالي…

في اجتماع أخير مع العاملين على قانون الانتخابات، كان البطريرك صريحا للغاية، فقد خاطب الحاضرين بقوله: لا تعطّلوا الانتخابات لا نريد الفراغ…

وواقع الحال انه بعد تهاوي المشاريع الانتخابية، من الأرثوذكسي الى التأهيلي الى المختلط والنسبي، جزئيا أو بالكامل، انحصر الكلام في الكواليس حول أمرين التمديد أو الفراغ، ولتجنب هذين المنحدرين، بادر غبطته الى مصارحة الآخرين بما يفكرون به، من دون جرأة على اعلانه، أي بالعودة الى قانون الستين، العصّي على الاستبدال، وذلك لتفادي الاقتراب من الخط الأحمر أو الدخول في المجهول، وبمعزل عما يمكن ان يحصل من مزايدات أو مكابرات…

هذا القانون استُهدف عام ١٩٩٢، في أول انتخابات بعد اتفاق الطائف، بحجة انه يعتمد القضاء كدائرة انتخابية، وقيل في هجائه يومها: قانون القضاء قضاء على لبنان.

وأدخلت عليه تعديلات بحيث أصبحت المحافظة هي الدائرة، وليس القضاء، باستثناء جبل لبنان الذي قسم الى ثلاث دوائر انتخابية، بعدها جاء قانون العام ٢٠٠٠، الذي سمّي قانون غازي كنعان، والذي توسّع في تعديل قانون الستين بحيث قسّم بيروت الى ثلاث دوائر، وربط عكار ببشري والضنية، رغم غياب الرابط الجغرافي، وجعل بعبدا وعاليه دائرة واحدة والشوف دائرة واحدة.

مؤتمر الدوحة في العام ٢٠٠٨، استنسخ قانون الستين مع بعض التعديلات، ومع الوعد بقانون أفضل لانتخابات ٢٠١٣، لكن منذ ذلك التاريخ وعلى الوعد يا كمّون، ومجلس النواب من تمديد الى تمديد بهمّة نائب زحلة نقولا فتوش، الذي اقترح التمديد الأول في ٢١ أيار ٢٠١٣، والثاني في ٦ آب ٢٠١٤ والثالث في ١١ نيسان ٢٠١٧، والذي تعطّل اقراره بسلاح المادة ٥٩ من الدستور، الذي شهره الرئيس ميشال عون بوجهه، فعلق الجلسات التشريعية للمجلس شهرا واحدا ولمرة وحيدة…

في التمديد الأول كانت الذريعة بالأوضاع الأمنية غير الملائمة، وكذلك في التمديد الثاني، أما اليوم فان انزال الحرم على قانون الستين حتى ولو أدى الأمر الى الفراغ، بحسب تصريح للرئيس عون، جعل الرئيس نبيه بري، يقول: التمديد ألف مرة ولا الفراغ مرة واحدة…

وأمام هذه الحزمة من الشرور، رأى البطريرك الراعي في العودة الى قانون الستين أهون هذه الشرور.

وفي رسالة الإسراء والمعراج لمفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان استشهاد بقاعدة فقهية تقول: من ترك شيئا من أمور الشرع أحوجه الله اليه… لقد ترك مسؤولونا قانون الستين الساري المفعول، ويبدو انهم في طريق العودة اليه…