تُثبت أرض معركة طرابلس زيف الإدّعاءات التي تقول إنّ الجيش صاغ تسوية لإخراج المسلّحين من التبانة، بعدما وصل الى المربّع الأخير للإرهابيَّين شادي المولوي وأسامة منصور.
تجزم قيادة الجيش بأنَّ «الجيش لم يدخل في تسوية مع أحد على رغم محاولة بعض الأفرقاء منذ ليل السبت الماضي الحديث عن مخرج لوقف المعركة وتأمين خروج المسلحين، لكنّ الحرب إستمرت حتّى أُسقط المربّع الأخير الذي كان يتحصّن فيه المولوي ومنصور».
ويشرح مصدر عسكري لـ«الجمهورية» كيف إنتهت المعركة وماذا حصل في الساعات الـ24 الاخيرة قبل تحرير الجيش المربع الأخير في التبانة، فيلفت الى أنّ «المربّع الذي يتحصَّن فيه المولوي ومنصور مكتظّ بالسكان، وأبنيته متداخلة، ويمكن الخروج من شرفات المنازل للوصول الى خارج الطوق الذي ضربه الجيش في التبانة.
ويمكن التنقّل بين المنازل ليلاً والهروب في اتجاه مناطق بعيدة». ويكشف أنّ «الجيش واجه في تقدّمه أفخاخاً عمل على تفكيكها، خصوصاً أنّ المسلحين زرعوا المتفجرات، وقد إستغرق تفكيكها وقتاً طويلاً، ومنها ما فُجّر في الأرض، ومن الممكن أن يكون المولوي ومنصور إستغلّا هذا الوقت للهرب».
ويلفت المصدر إلى أنّ «تحصّن المسلحين بالمدنيّين قد يكون ساعد الرجلَين على الفرار خصوصاً أنّ عمليات النزوح الكثيفة حصلت ليلاً، وهذا لا يلغي تمكّنهما من الفرار على رغم تطويق الجيش المنطقة».
من هنا يشدّد المصدر على أنّ «فرار مسلحين وارد ويحصل في معظم الحروب ومع جميع جيوش العالم، والدليل على ذلك فرار زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن والرئيس العراقي الراحل صدّام حسين من أيدي القوّات الأميركية، على رغم قوّة الإستخبارات الأميركية، إضافة الى فرار الرئيس الليبي المخلوع معمر القذافي من أيدي التحالف الدولي وقوات المعارضة الليبية».
لكن، الجيش يؤكد أنه «مثلما قُبض على هؤلاء، سنقبض على المولوي ومنصور ولو بعد وقت، فالعمليات العسكرية لم تتوقف، ولو كان هناك تسوية لما إستكمل الجيش المداهمات وملاحقة المسلحين».
ويؤكد المصدر أنّ «معارك التبانة والشمال أثبَتت أنّ كلّ دعوات الإنشقاق عن الجيش لم تلقَ صدى في الأوساط السنّية، وأكدت بما لا يقبل الشكّ وحدة الجيش وصلابة عقيدته وحكمة قيادته، فلم يسجّل حالة إنشقاق واحدة، ونجح الجيش في التحدي على رغم أنه امام إستحقاق مصيري، ما يدلّ الى أنّ المرحلة اليوم تختلف عن حرب الـ1975».
ويعتبر في هذا الإطار أنّ «عكار والشمال أثبتا أنّهما خزان الجيش وحاضنته الشعبية، خصوصاً أنّ عدداً كبيراً من الشهداء سقط من تلك المنطقة، لذلك، وجّهت قيادة الجيش التحيّة إلى الأهالي الذين حاربوا معنا ووقفوا قلباً وقالباً الى جانبنا، وأسقطوا كلّ إدعاءات الإمارة والتطرّف والتكفير».
ومن المنظار العسكري، أثبتت حرب السراديب أنّ «الجيش جاهز للمواجهة في كلّ الظروف والأماكن، من جبال عرسال، الى المدن المكتظة بالسكان، وفي الانفاق والسراديب».
ويلاحظ المصدر أنّ «الجيش قاتل بأخلاقه، فهو خاضَ معركة في مدينة سكنيّة واستعمل النار بدقّة ولم يُسقط عدداً كبيراً من المدنيين، فلو كان غير الجيش اللبناني، مَن خاض هذه المعركة، لكان دمَّر المنطقة فوق رؤوس المسلحين والاهالي»، مشيراً إلى أنّ «العلامة الفارقة كانت دخول سلاح الهليكوبتر كعنصر حاسم، ما ضيّق الخناق على المسلحين وأوقع في صفوفهم عدداً كبيراً من القتلى».
ويوضح المصدر أنّ «ما قام به الجيش يؤكّد أنّه المحارب الاوّل للإرهاب، ومهما تبنَّت تنظيمات أو أحزاب مسلحة هذا الشعار، فإن لا مكان إلّا للشرعية التي تستطيع وحدها التعامل مع كل الاحداث في كل المناطق، أما تدخل غير الجيش فيعني الحرب الأهلية».
أما مقولة إنّ «الجيش فتح النار وبدأ المعركة لتسجيل إنتصارات خصوصاً بعد عودة قائد الجيش العماد جان قهوجي من الولايات المتحدة الأميركية، «فلا أساس لها من الصحّة»، حيث يشدّد المصدر على أنّ «المسلحين هم مَن فتحوا المعركة بعدما أوقف الجيش خلية أحمد ميقاتي، وإنفلشوا في كلّ أرجاء طرابلس، علماً أنهم كانوا يعتدون على دوريات الجيش قبل سفر قهوجي الى أميركا».
فرض الإستقرار في طرابلس والشمال مستمرّ، والعودة الى الوراء ممنوعة، فالجيش الذي قاتل في بعض المعارك باللحم الحيّ لا يدخل في تسويات على دماء شهدائه وأهله، لأنّ ثلاثية «الشرف والتضحية والوفاء»، تعمّدت بالدّم من الجنوب الى الشمال.