أسهل نصٍّ دستوري في لبنان هو نصُّ الدستور اللبناني، وأصعب نصٍّ عند التطبيق هو الدستور اللبناني، على رغم أنَّ المسؤولين يتباهون بأنَّهم في دولة المؤسسات ويحبون دولة المؤسسات.
النص الدستوري واضح، مجلس الوزراء هو الذي يضع قانون الإنتخابات النيابية، وليست أية جهة أخرى. المادة 65 من الدستور تقول:
تناط السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء، ومن الصلاحيات التي يمارسها:
قانون الإنتخابات.
بعد هذا النص، هل من التباس؟
مشاريع القوانين يضعها الوزراء المختصون ويرفعونها إلى مجلس الوزراء للموافقة عليها. فعلى سبيل المثال لا الحصر:
وزير الأشغال يقترح الطرقات والأوتوسترادات والجسور.
وزير الصحة يقترح خطة تطوير المستشفيات.
وزير البيئة يقترح خطة معالجة النفايات.
وزير الداخلية يرفع إلى مجلس الوزراء مشروع قانون الإنتخابات النيابية.
في مجلس النواب ثمانية وعشرون مشروع قانون وليس على أي واحد منهما بصمة وزير الداخلية الصديق نهاد المشنوق.
وزير الخارجية جبران باسيل:
فبركة مشاريع إنتخابية. ولم نلحظ على أي واحد منها بصمة الوزير المختص.
حتى اللجان الوزارية التي تشكَّلت للتوصل إلى قانون جديد للإنتخابات النيابية، لم يرد في عضويتها اسم وزير الداخلية.
بسبب هذا الغياب لم يبقَ أحدٌ في الجمهورية ولم يجرِّب حظه في تقديم مشروع قانون للإنتخابات.
لكن أي مشروع قانون لا يكون قانوناً إلا بعد أن يقره مجلس النواب، وهذا ما تؤكده المادة 18 من الدستور بكل وضوح، حيث يرد فيها:
لا ينشر قانون ما لم يقره مجلس النواب.
إذاً، الآلية وتعبيد الطريق باتا واضحين ولا يحتاجان إلى فقيه دستوري:
الخطوة الأولى أن يقترح وزير الداخلية نهاد المشنوق مشروع قانون، لانه المعني الأول ومن ثم يُحال مشروع القانون إلى مجلس النواب لمناقشته والمصادقة عليه والتوقيع عليه من المعنيين ولإصداره في الجريدة الرسمية.
ولنكون أكثر دقة، حتى اليوم، 28 نيسان 2017، لم يتحقق شيء من هذا. فالمداولات ما زالت عند تقاطع حقل الإختبار، فعلى سبيل المثال لا الحصر يحاول رئيس مجلس النواب تقديم المقترحات وإعداد أكثر من صيغة للنقاش ومن أبرزها:
انتخاب مجلس نيابي على أساس النسبية ومجلس شيوخ، لكن ما فات طبَّاخو هذا المقترح أنَّه يخالف الدستور الذي جاء في المادة 22 منه:
مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي يستحدث مجلساً للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية، فكيف يتم التوفيق بين انتخابات على النسبية، وهي انتخابات طائفية، وبين ما يقوله الدستور عن مجلس وطني لا طائفي؟
مع ذلك فإنَّ المحاولات مستمرةٌ لإيجاد قانون جديد للإنتخابات قبل 15 أيار المقبل، وفي الغرف المقفلة والمطابخ السياسية المقفلة طبخة قانون يحاول المعنيون والحريصون إنضاجها، وهذا القانون سيلاقيه رئيس الجمهورية في منتصف الطريق، خصوصاً إذا تمَّ التوافق عليه من القوى السياسية.