IMLebanon

زعامات العشاء الثلاثي تكتمل بالماروني المنفتح

 

سيبقى العشاء العلني المباغت الذي جرى في العرين البيروتي لكبير الزعامات الدرزية وليد كمال جنبلاط مساء الأحد الماضي(8-10 -2017) وضمَّ الرئيسيْن نبيه بري وسعد الدين رفيق الحريري، وليس أحداً من سائر الأطياف السياسية اللبنانية، لغزاً في نظر الذين لا يأخذون بالإفتراضات ويفضلون الإعلان الرسمي عن دواعي ونتائج مثل هكذا مناسبة. لكن العشاء بالصورة التي إلتُقطت للمضيف وضيفيْه وتم نشْرها وهم يتبادلون الرؤى قبل العشاء أو ربما بعدما تناولوا أطايب المائدة الجنبلاطية، يستوجب من الذين يتابعون مسارات العمل السياسي مثل حالنا قراءة المناسبة التي لم يخطر في بال أحد حدوثها في ليل يوم إجازة. كما لم يخطر في بال أحد أن كبير الأقطاب الثلاثة الرئيس نبيه بري سيسجل إختراقاً في المسألة الإحتراسية ويحضر للمشاركة في مناسبة ليست مهمة من حيث الشكل، أي بما معناه إذا كانت لتلبية دعوة لتناول العشاء.

عند التأمل في الصورة التي إلتُقطت بدا الرئيس كما لو أنه في واحد من إجتماعات الأربعاء التقليدية جالساً على كنبة الشخص الواحد فيما الرئيس سعد الدين الحريري والأستاذ وليد جنبلاط جالسيْن متباعديْن على الكنبة التي تتسع لأربعة أشخاص. وبدا الفراغ بين الشيخ سعد والأستاذ وليد كما لو أنه محجوز للضيف الثالث الذي لم يُدْعَ إلى العشاء في إنتظار بلورة التفاهم عليه وهذا يكون ضمن التشاور الثلاثي .

ولكي لا نُوغل في الحيرة نقول إن الغائب عن المناسبة هو الزعيم الماروني الذي بالتفاهم على شخصه تصبح المسألة واضحة، ولا يعود أمر لبنان الرئاسي بعد خمس سنوات أو أقل تِبْعاً للظروف والمقادير، موضع مجادلات وتكهنات.

في أي حال إن العشاء الثلاثي كان بمثابة وضْع حجر الأساس لملامح خالية من الحدة للوجه السياسي اللبناني في الزمن الآتي بعد حين ليس بالبعيد. وليس بالمستبعَد أن تبدأ بإنتساب الرابع ذلك الماروني المجهول إلى هذا التكاتف الذي لن يبقى مقتصراً على لبنان المسلم، ذلك أنه لو كان القصد على هذا النحو لما حدثت المناسبة أصلاً.

وإستناداً إلى واقع الحال اللبناني فإن الكرسي الشاغر في المناسبة الجنبلاطية والتي كان من غير المحتمَل حدوثها لو كان الداعي هو غير وليد جنبلاط، لا بد لمَن يشغله أن يكون حجم زعامته في طائفته المارونية بحجم زعامة الرئيس بري في الطائفة الشيعية وزعامة سعد الدين الحريري في الطائفة السُنية وزعامة وليد جنبلاط في الطائفة الدرزية. وعند التأمل في تضاريس خارطة الزعامة الفاعلة في الطائفة المارونية وكذلك في الظروف التي عاشها لبنان في سنتيْ الفراغ الرئاسي ثم في التحولات التي سبقت إستيلاد رئاسة الجمهورية وبالذات ما رافق الولادة القيصرية من وعود وخيبات وصدمات وتحالفات… إننا عند التأمل نرى في المشهد أمامنا قطبيْن إثنيْن هما الدكتور سمير جعجع الذي ليس بالأمر اليسير التوافق الفوري عليه والوزير السابق سليمان طوني فرنجية الذي ليس بالأمر اليسير أيضاً عدم إعتباره رابع ثلاثية العشاء الجنبلاطي.

أما كيف تتيسر الأمور فإن ذلك سيستوجب المزيد من العشاوات التي تشكِّل المرونة الطبق الأشهى.

وفي إنتظار ذلك سيبقى عشاء العرين البيروتي لكبير الزعامات الدرزية الشغل الشاغل لمَن يرى أن الغرض من العشاء هو إلتهام  تسرُّعه لكي يكون الرئيس الثاني عشر للجمهورية اللبنانية المغلوب على أمرها.

والله الشاهد على اللاعبين والمتلاعبين بعروبتها وخصوصيتها وإنتمائها وأحوال شعبها.