Site icon IMLebanon

ماذا لو أُرجئ بتّ مصير القائد إلى ما بعد الأعياد؟

 

 

 

بين مجلسَي النواب والوزراء يتجمّد بتّ مصير قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي يبلغ السن القانونية في العاشر من الشهر المقبل. يتقاذف كلاهما المسؤولية عن اتخاذ القرار فيبقى مصير قيادة المؤسسة العسكرية غامضاً. تارة يتقدم التمديد وطوراً تتعزز حظوظ تعيين قائد جديد. كان تقديم كتلة «القوات اللبنانية» مشروع قرار التمديد للقائد الحالي بمثابة جائزة ترضية، واعتراف ضمني بحق مجلس النواب في التشريع، لما يمثّله من تراجع عن موقف صمدت عليه «القوات» طوال الفترة الماضية برفضها حضور جلسات تشريعية في ظل الفراغ الرئاسي. ملف جديد يُحرج المسيحيين ويجعل رئيس مجلس النواب مرتاحاً إلى وضعية مجلسه ويسلمه مفتاح اللعبة البرلمانية مجدداً ليكون الآمر الناهي فيها.

 

نقلاً عن مصادر سياسية ملمّة، فإنّ كل ما يحكى عن التمديد غير صحيح. تسرد حقيقة الرواية بالقول «كان قد تمّ الاتفاق على تعيين قائد جديد بموافقة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والثنائي الشيعي الذي لا يريد الخروج عن موقف رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل. جرت الأمور على خير ما يرام لدرجة ان تمّ الاتصال بالمرشح للتعيين للمباركة».

 

استجد عنصر التدخلات الخارجية، نبّهت أميركا من المسّ برأس القيادة أو وقوع الفراغ. تلتها قطر التي هددت بوقف المساعدات للجيش إلا إذا استمر القائد الحالي في مهماته. وفي اعتقادهما أنّ بقاءه يضمن استمراره مرشحاً محتملاً لرئاسة الجمهورية. وقد صارح الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الرئيس نبيه بري برغبة بلاده في التمديد لقائد الجيش، وتحدث مع «حزب الله» في الأمر عينه.

 

التطورات السياسية أعادت الموضوع إلى مربّعه الأول، وصار التمديد خياراً أول لرئيس الحكومة، فيما موقف الثنائي ما زال غامضاً، إلا أنّه يقف على حافة احتمالين: إمّا مجاراة الحليف بالتعيين أو التسليم بالتمديد، لكن المخرج لأي من الإحتمالين غير متفق عليه بعد، حسب ما تجزم مصادره.

 

موافقة بري على التمديد أو عدم ممانعته، أبلغها إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، طالباً أن يتولى حسم الأمر بالشكل الذي يراه مناسباً. يتجنّب بري أخذ الموضوع على عاتق مجلس النواب. ولم يحرجه تقديم «القوات» مشروع قانون معجّل مكرّر للتمديد، ولن يدفعه إلى إدراجه بنداً وحيداً على جدول أعمال الجلسة التشريعية التي يعتزم الدعوة إليها الأسبوع المقبل. هذا الجدول سيكون حسب مصادر نيابية حافلاً بمشاريع قوانين وسيحلّ التمديد بنداً أخيراً في جدول أعمال من عشرات البنود المتراكمة بفعل مقاطعة كتل نيابية مسيحية الجلسات وصارت تطالبه اليوم بعقد جلسة تشريعية على نيّة التمديد لقائد الجيش.

 

يأخذ رئيس المجلس في الإعتبار وجود مناخ مسيحي مؤيّد للتمديد لأكثر من سبب الأول عدم جواز التعيين في ظل غياب رئيس للجمهورية وكسر رغبة باسيل والمسّ بصلاحيات رئيس الجمهورية، لكنه لن يكون مبادراً لبته.

 

بين يوم وآخر، انقلبت مجريات التعيين رأساً على عقب بفعل تدخل أميركي وفرنسي وقطري، وعاد تقاذف كرة التمديد بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولا يمانعه بري، لكنه يعتبر أنّ للحكومة حق الشفعة، وعلى رئيسها أن يأخذ قراراً بتأجيل تسريح قائد الجيش. في المقابل يرغب ميقاتي في أن يحظى التمديد بموافقة سياسية من كل المكوّنات المسيحية ويريده بتصويت الأكثرية مجنّباً نفسه تحمل المسؤولية بمفرده.

 

لم ينسَ بري بعد مرارة ما واجه التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم. بصرف النظر عن رغبته يومها في التمديد من عدمه، ولكن الموضوع صار عرضة للتجاذب داخل الحكومة وخارجها إلى أن انتهى تاريخ خدمته فأحيل على التقاعد. تجدّد هذا السيناريو وارد بقوة، فإذا رفض ميقاتي التجديد فإنّ رئيس المجلس قد يدرجه في جدول الأعمال للجلسة المقبلة والأخيرة لهذا العام، لكنه سيكون في أسفل جدول الأعمال وليس في الصدارة وقد لا يتسع الوقت لنقاشه.

 

تقول مصادر نيابية إنّ كثرة البنود تؤشّر إلى احتمال امتداد الجلسة يومين أو أكثر، وليس محسوماً تأمين النصاب لجلسة تطرح التمديد للنقاش، فضلاً عن وجود أكثر من مشروع قانون سبق وتقدّم بها عدد من النواب تصب في خانة التمديد للقادة الأمنيين، وقد يطلب رئيس المجلس جمعها في مشروع واحد لمناقشته.

 

مجريات الجلسة مقارنة بالمعطيات تشي بأنّ طريق التمديد للقائد ليس معبّداً نيابياً وتعتريه مطبّات، أما حكومياً فالأمر يتعلق بنيات ميقاتي وحده، اللهم، إلا إذا طلب وزير الدفاع موريس سليم من مجلس الوزراء تأجيل التسريح، والطلب من الحكومة إعلان حال الحرب كتدبير دستوري للتمديد، وهذا مستحيل، لأنّ المعلومات تقول إنّ سليم لن يسكت عن تجاوز صلاحياته، وسيعتبر «التيار الوطني الحر» أمراً كهذا بمثابة انتهاك صارخ للطائف لن يسكت عنه.

 

واذا لم يقرّ التعيين أو التمديد في مجلس النواب أو في الحكومة، ودخول البلاد في عطلة الأعياد يعني إرجاء البت إلى ما بعد السنة الجديدة ونهاية العطلة في الثامن من كانون الثاني، أي قبل انتهاء ولاية جوزاف عون، بيومين، إلا اذا حصل ما ليس في الحسبان.

 

تتحدث المصادر النيابية عن وجود مؤشرات توحي بأنّ القرار متروك للحظات الأخيرة. والاحتمالات قد تقود إلى وقوع الفراغ في قيادة المؤسسة العسكرية، ومع غياب رئيس الأركان سيضطر وزير الدفاع إلى إصدار قرار بتعيين الضابط الأعلى رتبة، واحتمال ثانٍ يجري تداوله يقضي بالتمديد ثلاثة أشهر وتعيين رئيس أركان والأمور قيد البحث….