على وَقع مواجهات الميدان في غزة ولبنان، والمفاوضات المتعثرة حول وقف إطلاق النار، إلتقى الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله وفدا قياديا من حركة حماس برئاسة نائب رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية… فما هي دلالات الاجتماع بين قيادتي المقاومتين اللبنانية الفلسطينية في هذا التوقيت؟
تحرص قيادتا «الحزب» و«حماس» على تفعيل التشاور والتنسيق بينهما، منذ 7 تشرين الأول الشهير، لمواكبة المستجدات العسكرية والسياسية في ساحات المواجهة مع العدو الاسرائيلي.
وعقب وصول جولة المفاوضات الأخيرة في القاهرة حول الهدنة المفترضة الى حائط مسدود، ارتأت «حماس» ان تطلع الحليف اللبناني على تفاصيل كواليس التفاوض من جهة وحقائق الميدان العسكري من جهة أخرى.
ومن المعروف انّ الحية هو أحد ممثلي «حماس» الأساسيين في مفاوضات مصر، وبالتالي فإنه يملك حيثيات هذا الملف ويعرف جميع خفاياه، الأمر الذي سمح له بأن يضع السيّد نصرالله في الصورة الكاملة للمعركة السياسية التي تُخاض في الاروقة الدبلوماسية من أجل الوصول إلى اتفاق يرضي طموحات الفلسطينيين بعد التضحيات الهائلة التي قدّموها.
وعُلم انه كان قد سبق اللقاء الجديد والمُعلن بين «حماس» و«الحزب»، اجتماع آخر عُقد قبل فترة وبقي بعيداً من الإعلام، في سياق التنسيق المستمر منذ حصول عملية طوفان الأقصى وما أعقبها من عدوان إسرائيلي واسع غير مسبوق.
وتؤكد مصادر قيادية في «حماس» انّ «التشاور مع الحلفاء في محور المقاومة هو أمر ضروري نُصرّ عليه، لأننا نشترك جميعاً في مواجهة واحدة بجبهات عدة».
وتشدد مصادر «حماس» على أنّ «حزب الله» شريك في الدم ولا يمكن أن نخوض مفاوضات او نصنع اتفاقاً من دون أن نُطلعه أوّلاً بأول على كل المجريات، ونتشاور معه في شأن كل محطة نواجهها، سواء كانت ميدانية ام سياسية. وبالتالي كان من الطبيعي أن نلتقيه بعد الجولة التفاوضية التي عقدت أخيراً حتى نبحث معه في ما آلت اليه الأمور، الى جانب اطلاعه على تفاصيل الواقع العسكري والانساني في قطاع غزة».
وتلفت المصادر القيادية إلى أنّ هناك «تقديراً كبيراً من قبل «حماس» للتضحيات التي يبذلها الحلفاء في محور المقاومة، ولذلك فهي حريصة على التشاور أيضاً حول أي تطور مُستجد مع حركة أنصار الله في اليمن وغيرها من القوى الحليفة».
وعلى رغم انّ المحاولات التي بُذلت للتوصل الى هدنة قبل حلول شهر رمضان المبارك قد اخفقت، الا ان مصادر «حماس» تشير إلى أن إمكانية ابرام اتفاق لم تسقط كلياً بعد، ولا تزال موجودة، «مع التشديد على التمسك بأولويتَي تحقيق وقف مُستدام لإطلاق النار وانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة لتسهيل وصول المساعدات وتحرّك الناس بين أنحاء القطاع المقطّع الاوصال، على أن تُقابل ذلك مرونة من «حماس» في ملف الأسرى الاسرائيليين لديها».
وتنبّه المصادر إلى أنّ «الهدنة التي كانت مطروحة علينا ليست سوى كناية عن خدعة يرمي من خلالها الاحتلال الى استعادة أسراه ليتمكن بعد ذلك من استئناف عدوانه بحرية تامّة».
وتجزم المصادر بأنّ كتائب القسّام والفصائل الأخرى تحافظ على تماسكها وتستطيع الصمود لأشهر إضافية، «إذ ان عصبها لا يزال سليماً وهي تخرج من الأنفاق لمباغتة العدو ثم تعود إلى قواعدها، وهذا ما يفسّر قوتها التفاوضية، وإن يكن الاحتلال يسعى الى الضغط عليها عبر تجويع المدنيين في شمال غزة».
وتشير المصادر الى انّ «ما يساعد «حماس» على احتواء هذا الضغط هو انّ الناس يؤيدون موقفها ويرفضون ان تكون الهدنة مقتصرة على بضعة اسابيع تعود بعدها الحرب بشكل أشد، بل يريدون تهدئة مُستدامة».