Site icon IMLebanon

يحاول اللبنانيون أنْ يكونوا متفائلين لكن الإيجابية لها مستلزماتُها

 

على رغم التوترات التي تشوب بعض الملفات، فإنَّ بالإمكان تسجيل أنَّ النصف الملآن من الكأس هو الظاهر للعيان، بدليل أنَّ الروزنامة السياسية والمالية هي في وضعٍ يدعو إلى التفاؤل.

سياسياً وديمقراطياً، لم يعد الحديثُ حديث تمديد، بل حديث انتخابات، وهذا تطور حيوي في حد ذاته… في أيار المقبل لن يكون هناك تمديدٌ للمجلس النيابي الحالي الذي صار عمره ثمانية أعوام، بل سيكون هناك مجلسٌ نيابي جديد وفق قانون انتخابي جديد لا مجال فيه للتزوير، بل هناك مراقبة شديدة ليس من الداخل فحسب بل من دول ومنظمات غربية تراقب ما إذا كان لبنان سيدخل فعلاً عصر الديمقراطية الحقيقية، أو سيبقى من الدول المتخلِّفة ديمقراطياً.

 

مالياً، ولَّت الأيام التي كان الصرف فيها يتم على القاعدة الإثنتي عشرية، صار هناك صرفٌ بموجب الموازنات. صدرت موازنة العام 2017، وموازنة 2018 تنتظر فتح دورة استثنائية لمجلس النواب لإقرارها قبل بلوغ الدورة العادية لمجلس النواب في منتصف آذار المقبل.

إيجابيةٌ نقدية ثانية تمثلت في الهندسات المالية التي قام بها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والتي ظهرت إيجابياتها أثناء الأزمة التي مرَّ بها لبنان في شهر تشرين الثاني الماضي، والتي أدت إلى خروج نحو ثلاثة مليارات دولار من لبنان، آنذاك، لولا الهندسة المالية التي سبق للحاكم أن قام بها لكان لبنان وقع في مصاعب مصرفية كان في غنى عنها، لكنها كانت ستكلفه الكثير، إلا أنَّ القطوع مر وعاد لبنان منيعاً مالياً.

 

 

لكن، هل هذا كله يكفي؟

 

بالتأكيد لا، فأمام لبنان سلسلة من القطوعات، وما لم يُحسِن المسؤولون التعاطي معها بجدية وشفافية، فإن البلد سيكون مجدداً أمام المأزق.

على سبيل المثال لا الحصر، إنَّ موضوع الكهرباء بات يحتاج إلى حلٍ أياً تكن المعوقات، فليس من المعقول أنْ يعيش اللبنانيون رهائن لعشرات آلاف المولدات الخاصة، مع ما يعني ذلك من تلوثٍ يضرب الأحياء، لأنه بات في كل حي مولد ينفخ سمومَه في صدور اللبنانيين.

 

ليس معقولاً أنْ تبقى قضية النفايات من دون معالجة، للسنة الثالثة على التوالي، ما من بلد في العالم يتعايش مع النفايات، كما يتعايش هذا البلد معها.

نحاولُ في هذا المجال أنْ نكون إيجابيين، ولكن كيف؟

ووفق أي معيار؟

الإيجابيةُ يجب أنْ تأتي من إدارات الدولة ومن السلطة التنفيذية، ثم تنعكس على المواطنين، وما لم تَحدث الإيجابية من عند الدولة فإنّه من العبث أنْ تحدث من قبل الناس.

بهذا المعنى فإنَّ كرة الإيجابية هي في ملعب الدولة وليس في ملعب المواطنين.