Site icon IMLebanon

«الصبي اللبناني» الأعجوبة وأمهاته الثلاث

هنالك أكثر من أم «للصبي» الذي إسمه القانون الأعجوبة أو العجيبة للإنتخابات النيابية اللبنانية الذي تم إستيلاده بعد مخاض أعسر. كل طرف يعتبر أنه هو «الأم» التي حملت وقاست من الوحام والإستفراغ وسهر الليالي. وكل طرف إطمأن إلى أن إجازة أمومة هذا «الصبي» العجيب ستكون بضعة أشهر تكفي لترتيب عوائد إستيلاد هذا «الصبي».

لكن ثمة مسألة في منتهى الأهمية لا يأخذها في الإعتبار هذا الطرف أو ذاك أو ذلك، وهي أن الإبتهاج على المستوى الشعبي ﺑ«الصبي» الذي كان مفقوداً الأمل بإستيلاده غير متوافر. ونكاد نقول إنه من الصعب بمكان وجود أطياف شعبية ترى ما يراه هذا الطرف الذي يعتبر «الصبي» الأعجوبة عملاً بطولياً أو ذاك الذي إعتبر الإستيلاد نصراً مبيناً يستحق زفه إلى المواطن اللبناني، أو ذلك الطرف الذي يصنِّف إستيلاد «الصبي» بأنه هدية ربانية خصه بها المولى عزّ وجلّ ضمن أجواء ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.

الذي لا يدريه أهل «الصبي» العجيبة أن إبتهاجهم بالقانون الإنتخابي الأعجوبة أو العجيبة لا يستوعبه عاقل أو متجرد غير متحزب. وحتى كثرة الشرح التي حفلت بها تصريحات الأطراف الثلاثة حيث كل طرف كما أشرنا يعتبر نفسه «الأم» التي حملت وتحملت وأنجبت وقاست من العملية القيصرية بمباضعها ومقصاتها العدوانية- الباسيلية- الحريرية.

ما هو أكثر غرابة من القانون العجيبة أو الأعجوبة، أن الناخب مطالَب بأن يقترع وهو لا يدري لماذا يدلي بصوته. وربما هذا هو الغرض مِن بدعة القانون. وحتى الذين حاولوا عبْر إطلالات فضائية تبسيط مضامين القانون لم يكونوا عندَ حُسْن إستيعاب المشاهدين لشروحاتهم.

ربما، بل لعله الأرجح، الإفتراض أن الغرض من القانون الذي صدر فيه هو أن يكون أحجية وهو أكثر من ذلك. إنه بمثابة جدول حسابي جديد بعد الجداول المتعارف عليها من جدول الضرب إلى جدول الجمع إلى جدول الطرح إلى جدول القسمة. والفرق بين جدول القانون الإنتخابي الأعجوبة أو العجيبة وتلك الجداول أنه من النوع الذي يحتاج إلى ما هو أكثر من الآلة الحاسبة لفك طلاسمه. وعلى هذا الأساس فإن الذين سيقترعون يوم الإنتخاب هم اللبنانيون المتحزبون والمتعصبون أما العقلاء فسيعتبرون أن الأمر لا يعنيهم. ولماذا سيعنيهم ما دام طابخو القانون أنجزوا ما يحقق مبتغاهم وبات كل منهم يتصرف على أنه أم «الصبي» العجيبة – الأعجوبة.

وفي إنتظار أن تتبدل الأحوال ويصار للبناني قانون من صياغة مرجعيات وطنية ومتعقلة ومتزنة يحل محل هذا القانون، سنبقى صابرين ننتظر لحظة الإنفراج والخلاص يهدىء بها رب العالمين نفوسنا المبتئسة من تصرفات أُولي الأمر الذين يمشون في الأرض مرحاً مصرين على أنهم سيبلغون قمة تعظيم الشأن على حساب الأوطان.

فؤاد مطر