IMLebanon

الحوار شأن لبناني

زيارة السفير السعودي علي عواض عسيري الى الرئيس نبيه بري جاءت على قاعدة الحرص على تأكيد المؤكّد، الذي يحرص دائماً على تكراره، وهو ما كان بري أكّده قبل يومين، بعدما وضعت في التداول تسريبات حاولت كالعادة تلبيس السعودية موقفاً سلبياً، من خلال الإيحاء بأن ما اعلنته في الأمم المتحدة حيال “حزب الله” سيؤدي الى قطع الطريق على الحوار المحتمل بين “تيار المستقبل” والحزب.

ذلك ان مطالبة المندوب السعودي في مجلس الأمن بوضع الجماعات والتنظيمات التي تقاتل في سوريا على لائحة العقوبات بما فيها “حزب الله” و”عصائب اهل الحق” و”فيلق أبي الفضل العباس”، لم تكن لتضيف جديداً الى موقف الرياض المعروف والمعلن منذ زمن، والذي يشمل ايضاً السعوديين الذين يقاتلون أويشجعون على القتال في سوريا.

حاول البعض توظيف هذا الموقف السعودي وكأنه سيؤدي الى افشال الحوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، الذي يسهر بري على تشجيعه وهندسة مساره، ولهذا لم يكتف السفير عسيري بالمسارعة الى الإعلان ان الحوار بين اللبنانيين شأن لبناني داخلي لا علاقة له بموقف المملكة في الامم المتحدة، بل اتصل بالرئيس بري مشدداً على هذا الأمر، ثم زاره زيادة في تأكيد المؤكد.

ان الحوار بين اللبنانيين شأن داخلي وان ربطه بأي مواقف تتخذها الرياض في غير محله، وفي كل زياراته وتصريحاته يعيد عسيري تكرار ما أصبح أشبه بلازمة ضرورية، لمواجهة اوركسترا الاتهامات التي تستهدف الرياض، بالقول “ان كل ما تتمناه المملكة هو وحدة الصف بين اللبنانيين والتوافق بين كل الأفرقاء لتحصين البلد، وإيجاد مخرج يؤدي الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية وينهي الشغور الرئاسي، وهذه هي الأولوية التي نرى انها تخدم مصلحة لبنان وليس ربط الأمور بما قيل في الأمم المتحدة”.

ليس خافياً انه في ظل المواجهة المفتوحة بين ايران والسعودية في الاقليم، يحاول حلفاء طهران دائماً إلقاء التهم على الرياض، التي لم تتوقف بدورها عن انتقاد التدخلات الإيرانية في شؤون الدول الأخرى من العراق الى فلسطين مروراً بسوريا والبحرين ولبنان واليمن وحتى في المنطقة الشرقية من السعودية، وفي حين كانت السعودية ولا تزال تشن حرباً شرسة لا هوادة فيها على تنظيم “القاعدة” والارهابيين [آخر فصولها العمليات الناجحة ضد “داعش” بعد جريمة الدالوة] الذين اكتوت بنيرانهم وجرائمهم قبل غيرها، كانت توجّه اليها الاتهامات بتشجيع الإرهاب وتمويله!

قبل فتح ملف الحوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” الذي يعوّل عليه الرئيس بري على ما يبدو، كانت للسعودية مواقفها الواضحة والصريحة من التدخل الايراني في سوريا، وما اعلنته في الامم المتحدة ليس بجديد، كما ان محاولة اتهامها بتفشيل الحوار اللبناني معروفة الأهداف!