IMLebanon

القوّات اللبنانيّة.. مش واردة  

 

محقّ الرئيس نبيه برّي عندما ينقل عنه زوّاره بالأمس أنّه «لا يرى في الافق اي ولادة قريبة للحكومة»، وهو محقّ أيضاً حين يقول «في حال تبدل الواقع وفي غض النظر عن العوامل والدوافع فإن لا شيء يمنع هذه الولادة خلال ساعات»، المشكلة أنّ «النّوايا» ليست صادقة ولا مخلصة، وأنّ كلام التحالف الاستراتيجي يطبّقه الفرقاء على الآخرين لا على أنفسهم!

 

بالأمس أوردت قناة الـ «NBN» خبراً مفاده أنّ «الحريري يمكن ان يتنازل عن حقيبة الاتصالات لصالح القوات اللبنانية لتسهيل ولادة الحكومة»، هذا الخبر لو تحقّق لولدت الحكومة اليوم، سبق وفعلها الرئيس نبيه برّي لحلحلة عقدة تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري الأولى في عهد الرئيس ميشال عون عندما تنازل عن وزارة الأشغال التي كانت حصّته لصالح النائب السابق سليمان فرنجيّة، في وقتها حلّ الرئيس بري بهذه الخطوة عرقلة التشكيل الحكومي، تمنيّنا بالأمس، لو أقدم الرئيس سعد الحريري على خطوة مماثلة لخطوة الرئيس نبيه برّي، على الأقلّ كان أنهى بذلك مناورة وزير خارجيّة حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، المناورة السيئة إنّما «الذكيّة» والتي كرّرها عشرات المرّات بأنّ تيّاره لا يمانع أبداً منح أي وزارة للقوات اللبنانيّة من حصّة الرئيس سعد الحريري، من المؤسف أنّ الرئيس سعد الحريري ضيّع هذه الفرصة متذرّعاً بتنازلاته الكثيرة!

 

ربّما كان السّير بما أوردته قناة nbn كشفاً للنوايا الحقيقة لكلّ الفرقاء، وهذه التسريبة من قناة الرئيس نبيه برّي، بدت أشبه بمفتاح للرئيس سعد الحريري لفتح بوابة تشكّل الحكومة، ولو كان هناك حد أدنى من الرّغبة عند جميع الفرقاء في إنهاء هذه المراوحة لجدّ الرئيس المكلّف السير في إعطاء الاتصالات للقوات اللبنانيّة وكان عندها حزب القوّات ليوافق مباشرة على حصّته من التشكيل الحكومي، ولكن لا أحد يريد أن يضحّي، ومن المؤسف أن الجميع ينتظر من القوّات أن تقبل بفتات الوزارات!

 

وللأمانة، هذه الممارسة في التضييق على القوات اللبنانيّة فقط هي واحدة من مفارقات هذا التشكيل الحكومي، ونظنّ أنّه بات واضحاً لجميع الفرقاء أنّ القوات اللبنانيّة «مش واردة» عندها أبداً أن تكون خارج الحكومة، وهذا الموقف تحديداً يحشر جميع الفرقاء في خانة اليك، على عكس ما يظنّ البعض أنّه يحشر القوّات!

 

باستطاعة الذين يثرثرون عن «تغنيج» القوات اللبنانيّة في موضوع تشكيل الحكومة، أن يثرثروا حتى يأذن الله بتشكيل هذه «الحكومة ـ العقدة»، ولا بدّ هنا من القول»لا حكومة من دون القوّات»، وبصراحة شديدة كانت القوات كحزب سياسي «عاقل» و»ناضج»، حزب يخوض غمار السياسة في لبنان بمنطق الدولة لا بمنطق تقاسم الجبنة، كانت واضحة جداً في وضع النقاط على الحروف بأنّها «لم نطالب بأي يوم من الأيام بحقيبة معينة ولا تمسكنا بأخرى ولا وضعنا فيتو على تسلم أيّ حزب حقيبة بعينها بل الآخرون هم الذين عكفوا على هذه الممارسات»، ونقطة على السّطر.

 

البقاء في مربّع المراوحة وعلى هذا المنوال، بات يفضح «نوايا» الجميع غير الصافية، وغير النزيهة أيضاً، ولم يعد مقبولاً أبداً الاستمرار في هذه المراوغة، فقد ضاق اللبنانيّون ذرعاً بأحاديث إنقاذ البلد واقتصاده وشعاراتها التي يرفعها الجميع، فيما الممارسة تفضح سياسة ثقافتها «نهش» أكبر قدر ممكن من الحصص والوزارات «المدهنة» !