ينتظر قضاء زحلة اتضاح صورة القانون الانتخابي، بما فيه طريقة توزيع المقاعد وتقسيم الدوائر، والأهم النظام الذي سيقترع على أساسه. فبقاء دائرة زحلة (البقاع الاوسط) كما هي شيء، وضمها إلى البقاع الغربي شيء آخر. العمل بنصيحة البطريرك الماروني بشارة الراعي بالبقاء على قانون الستين شيء، واعتماد النسبية شيء آخر.
ورغم عدم جلاء القانون، إلا أن أسماء مرشحي الأحزاب باتت شبه مكتملة ،علماً أن زحلة اليوم تتمثل بـ7 نواب: ماروني (إيلي ماروني)، 2 كاثوليك (نقولا فتوش وطوني بو خاطر)، 1 أرثوذكس (جوزيف المعلوف)، أرمن أرثوذكس (شانت جنجنيان)، سني (عاصم عراجي) وشيعي (عقاب صقر).
على مقلب حزب القوات، قرار الحزب واضح بتغيير وجوهه الثلاثة (المعلوف، بوخاطر، جنجنيان) الذين لم ينجحوا في التشريع ولا في الخدمات ولا في حسن تمثيل الزحليين. قرار تغيير النواب، يُعدّ بحسب سياسيين زحليين، خطوة لمصلحة القوات وتخدمها أمام الرأي العام، إذ تزيل جزءاً كبيراً من مفاعيل «كسل النواب». وتقول مصادر قواتية إن مرشحي معراب عن المقعدين الكاثوليكيين هما القاضي جورج عقيص وابن أخي النائب فتوش، ميشال فتوش. والمرشح عن المقعد الأرثوذكسي هو العميد المتقاعد سامي نبهان الذي يصدف أن يكون من قرى شرق زحلة. وخيار تبني مرشح من هذه القرى يدخل ضمن توجهات القوات لتمثيل القرى الصغيرة، التي كانت تُعَدّ معقل التيار العوني، وله فيها مرشح يدعى توفيق أبو رجيلي، وربما من شأن ذلك أن يثير حساسية العونيين. أرمنياً، تعدّ القوات مرشحَين (بينهما سيدة) لتختار أحدهما لمقعد الأرمن الأرثوذكس. وينذر ذلك بمشكلة مع حزب الطاشناق الذي تجزم مصادره بأنه سيكون له مرشحه، وهو لن يقبل «بخطف مقعده زوراً كما المرة السابقة، لا في زحلة ولا في غيرها».
ترشيح القوات للأسماء السابق ذكرها يحصر التمثيل العوني بالمقعد الماروني. إذ ترى المصادر القواتية أن حجم العونيين في زحلة يترجم بمرشح واحد، وهناك اتفاق مسبق على النائب السابق سليم عون، مرشحاً عونياً للمقعد الماروني، علماً أن مصادر أخرى تتحدث عن المرشح القواتي إبراهيم الصقر لهذا المقعد مقابل كاثوليكي للتيار. ينفي العونيون ذلك، وتؤكد مصادرهم أن سليم عون ثابت.
ويرى عونيون زحليون أن الحصة التي تمليها القوات على التيار اليوم لا يمكنه رفضها، بعد أن فشل في تثبيت أعمدة قوية في القضاء الذي تراجع تمثيله فيه بعد عام 2005. لذلك، يولي التيار أهمية كبيرة لدخول زحلة مجدداً، ولو عبر مرشح واحد بعد أن فشل في شدّ عصبه في القضاء وبناء حالة من المناصرين. ذلك رغم خص العماد ميشال عون المدينة بثلاث زيارات استثنائية (قبل الرئاسة) ولاحقاً وزير الخارجية جبران باسيل. ويذكر في هذا الإطار سعي باسيل أخيراً إلى طرق باب زحلة من زاوية ترشيح العميد الياس ساسين مديراً لمخابرات الجيش، من دون أن ينجح في إيصاله. ولكن، في تقويم عوني ذاتي، يشير أكثر من حزبي إلى أن «القيادة فعلت ما عليها وأكثر، فيما المسؤولون المحليون يتحملون الجزء الأكبر من الفشل الشعبي بغياب النشاطات السياسية والاجتماعية والتفاعل اليومي مع الزحليين».
ما سبق يضيّق خيارات باسيل في أي انتخابات مقبلة، فإما التفاهم مع القوات للفوز بمقعد واحد من أصل 5 مقاعد مسيحية، وإما التفاهم مع سكاف لرفع حصته إلى مقعدين في أقل تقدير، والمغامرة بخسارة الانتخابات. فرغم رفض رئيسة الكتلة الشعبية وصف باسيل المسيحيين المستقلين بـ «الفرافيط» وردّها عليه، لا تزال علاقة التيار بسكاف جيدة. ولاقى اتصالها بقصر بعبدا في عيد الفصح ترحيباً حاراً وإيجابياً، فضلاً عن مواصلة باسيل إرسال رسائل المودة إليها. وفي هذا السياق، يرى العونيون أن إمكانية التحالف مع سكاف كبيرة جداً. لكن ماذا عن موقف القوات من هذا التحالف وموقف سكاف من القوات وسعيهم الدائم إلى استفزازها؟ تجيب المصادر العونية بأن «العقدة تكمن في هذا التفصيل، ولكن نأمل الوصول إلى حلّ إيجابي يرضي الجميع». أما «في حال تمكُّننا من التمثل بأكثر من مرشح بحكم مبادلة بعض المقاعد في أقضية أخرى وفشل التحالف مع سكاف، فالأفضلية، حتى الآن، للوزير السابق غابي ليّون (للمقعد الكاثوليكي) على وزير العدل الحالي سليم جريصاتي لتفضيل رئيس التيار الحزبي على اللاحزبي». ذلك علماً أن حزب الله ليس بصدد التخلي عن رئيسة الكتلة الشعبية سكاف، ولا النائب فتوش، ما يجعل ترشيح كاثوليكي عوني من خارج هذين الاسمين أمراً مربكاً للحزب وللتيار في آن واحد.
على الضفة الأخرى، لحزب الكتائب عقدة أساسية تتمثل بالنائب إيلي ماروني: إن تحالف الكتائب مع القوات والتيار، فلا مكان لماروني مع إعطاء القوات كلمتهم لعون، وإن تحالف مع سكاف التي تجمعها والنائب سامي الجميّل علاقة جيدة، فلا مكان لماروني أيضاً، على ما تؤكده مصادر سكاف. الأمر الذي يرفع حظوظ رئيس إقليم زحلة السابق رولان خزاقة، وسط تمسك الكتائب بالقرار الصادر عن مكتبه السياسي عشية تقديم الترشيحات في عام 2013، أي ترشيح ماروني عن المقعد الماروني وخزاقة عن المقعد الكاثوليكي. فيما لا تزال صورة توجهات سكاف غامضة. فرغم انفتاحها على كل الأفرقاء، إلا أن تحالفاتها السياسية وأسماء مرشحيها لم تتضح بعد. أما فتوش، فكانت تربطه علاقة جدية بالتيار الوطني الحر، وفريق 8 آذار. ومن غير المعروف ما إذا كان تبرّعه بتقديم اقتراح قانون التمديد للمجلس النيابي قد أثّر سلباً في علاقته بالتيار. وفي مطلق الأحوال، فإن حظوظه قليلة في لائحة مشتركة بين القوات والتيار، بسبب الفيتو المتبادل بين فتوش ومعراب.