IMLebanon

تراجع القوات عن «المشروع الثلاثي» يخلط اوراق القوانين

على الرغم من إنطلاق شهر رمضان وما يحمله من هدوء سياسي على مختلف الجبهات إلا ان القراءات لنتائج الإنتخابات البلدية مستمرة لا سيما من زاوية انعكاسها على إقرار قانون جديد للإنتخابات النيابية، الذي يبدو ان دخانه الابيض لن يتصاعد قريبا من مدخنة اللجان المشتركة العالقة عند تمترس كل طرف بمواقفه وصيغته التي لا تقلص حجمه.

ففي الوقت الذي يؤكد فيه اللاعبون على الساحة الداخلية ان الإنتخابات البلدية جديرة بالقراءة، دون اعتمادها مؤشراً كافياً لحسم نتائج الإنتخابات النيابية، تستمر اللجان النيابية بمناقشة إقتراح النظام المختلط بين النسبي والأكثري، في الوقت الضائع، وسط توقعات بأن امكانية الوصول الى صيغة مقبولة قبل الدورة العادية في تشرين الاول شبه معدومة، بانتظار حسم اتجاه ازمات الحلول في المنطقة، التي على اساسها سترسو الصيغة اللبنانية بسلطتها المقبلة والتي ستنبثق من المجلس النيابي المنتخب وفقا لقانون يرعى التوازنات الاقليمية والدولية.

تفوق الاجهزة الامنية والعسكرية في تصديها للارهاب وتسطّيرها الانجازات في مجال حفظ الامن والاستقرار، لم يمنع التعثّر الضارب في عمق الملفات السياسية الداخلية عموما، ما تظهر تخبطا بقوّة في اجتماع اللجان النيابية المشتركة التي التأمت لمواصلة البحث عن قانون جديد للانتخاب. وقد دلّ ارجاء الاجتماع الثاني الذي كان محددا الخميس المقبل الى 22 الجاري، أي غداة اجتماع طاولة الحوار الوطني، الى حجم العقم الذي اتسمت به المباحثات وسط اقرار معظم المشاركين بأن القرار النهائي في مسألة قانون الانتخاب ليس في يد اللجان بل في جيب القوى السياسية.

وبحسب مصادر الازرق فان القوات اللبنانية المحت امام مسؤولين من المستقبل عن انها قاب قوسين من انجاز مشروع قانون انتخاب مختلط بالتعاون مع التيار الوطني الحر بدوائر مختلفة عن تلك المعتمدة في المشروع المقدم من الثلاثي قوات-مستقبل-اشتراكي، ما فهم منه تراجعا ضمنيا عن الاتفاق السابق، الامر الذي دفع برئيس جبهة النضال الوطني الى حشر القوات كما المستقبل في الزاوية معلنا رفضه لقانون الستين، لعلمه ان اي انتخابات نيابية حالية ستجري وفقا لقانون 2005 ذلك ان اتفاق الدوحة جعل قانون الانتخابات النيابية ساريا لمرة واحدة استثنائية، ما يعني ان العودة اليه تفترض تعديلا في مجلس النواب، وهو ما سيكون صعبا دون توافق سياسي وفي ظل خلط الاوراق التحالفية الجاري، كاشفة عن ان مصلحتي الاشتراكي والمستقبل تكمن في العودة الى الـ 2005، فيما تحاول القوات اللبنانية اقناع الجنرال بالستين في حال الفشل في اقرار قانون جديد، متكلة الى حلف مصلحة بين الثلاثي قوات  حزب الله  الوطني الحر، تعمل الرابية على انجازه. وما الكلام الاخير لرئيس حزب القوات اللبنانية سوى دفع في هذا الاتجاه عندما دعا العماد عون الى الاختيار بين معراب والحارة في حال اراد لاعلان النوايا ان يعيش.

رغم هذه الصورة، تتحدث المصادر عن «هجوم معاكس» يقوده الرئيس نبيه بريو النائب وليد جنبلاط يهدف الى «احتواء» الشيخ سعد بداية، للانطلاق من الحلف الثلاثي الجديد، المدعوم ضمنا من حزب الله، نحو خلق جبهة وطنية تعيد جزءا من التوازن المفقود مع انهيار جبهتي الثامن والرابع عشر من آذار، وهو ما ستبدأ ملامحه تتبلور في رسائل الافطار التي سيرسلها الحريري في هذا الاتجاه، من جهة، وعلى طاولتي الحوار الثنائي والوطني، من جهة ثانية، بعدما باتت جماهير المستقبل قابلة لتجرع كأس التحالفات الجديدة، على خلفية «تنفيسها» خلال الانتخابات البلدية والاختيارية، في مقابل حديث عن لقاء سيجمع قريبا العماد بالحكيم، جدول اعماله مخصص لبحث تطورات المرحلة الانتخابية والاستحقاقات المقبلة وفي مقدمها قانون الانتخاب وكيفية الوصول الى صيغة مشتركة تحصّن التفاهم، وتؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الوثيق استناداً الى بنود «اعلان النيات» الذي أطفأ شمعته الاولى، داعية المسيحيين الى رفض الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، معتبرة  ان العودة الى الستين يعني «دفش» المسيحيين الى الفدرالية.

أوساط سياسية متابعة كشفت ان العامل المباشر وراء هذا التراجع، يتمثل في المفاجآت غير السارة التي كشفتها الانتخابات البلديّة، من نسبة المشاركة المتدنية ، والنقمة الشعبية المتزايدة على الطقم السياسي الحاكم ، ما ترك «نقزة» لدى القوى السياسية دفعتها الى كبح اندفاعتها نحو اجراء انتخابات نيابية مبكرة والاكتفاء باجرائها في موعدها المحدد في حزيران 2017، على ان تكون الفترة الفاصلة عن التاريخ المذكور مخصصة لترتيب البيت الداخلي لكل طرف فلا يتجرع كأس التجربة البلدية «المرّ» مجددا في الاستحقاق النيابي المقبل، لافتة في هذا الاطار الى أن قانون حكومة الرئيس ميقاتي الانتخابي شكل ورقة رماها رئيس المجلس للتغطية عن نفض يده من الاقتراح.

«حشرة»، تتمنى الاوساط ان تفتح الباب امام بحث جديد عن سبيل لاجراء الانتخابات الرئاسية، حيث يكثر الحديث في الصالونات السياسية عن إنجازها ضمن «تسوية شاملة»، يرى عدد من القوى السياسية في اجرائها امرا ملحا في ظل الاوضاع الامنية والاقتصادية الضاغطة.