IMLebanon

اللبنانيون في الانتشار طاقة كبرى في العالم

 

قديماً قيل: يجب أن يسافر اللبناني الى خارج لبنان ليعرف قيمة وطنه، واليوم أقول: يجب أن يسافر اللبناني الى مناطق انتشار اللبنانيين في العالم ليتعرّف الى هؤلاء المنتشرين الذين بنوا أمجاداً لوطنهم في مختلف أنحاء المعمورة، ما يدعو الى الفخار والإعتزاز بالهجرتين القديمة والحديثة اللتين بالرغم من انهما حرمتا لبنان الكثيرين من خيرة أبنائه، إلاّ انهما كانتا صاحبتي فضل عميم، وملحمة الهجرة اللبنانية كانت ولا تزال عنواناً مجيداً منذ فجر التاريخ عندما شقّ ابن هذه الارض صفحة مياه البحار بخشبة نقلته الى زوايا المعمورة الأربع».

ولقد كنت مفعماً بالإعتزاز أمام ما حفل به المؤتمر الإغترابي الذي عقد في ساو باولو، عاصمة البرازيل التجارية والاقتصادية والمالية، في حضور نحو 3000 مشارك من البرازيل وبلدان القارة، يتقدمهم رئيس الجمهورية البرازيلية ميشال تامر، المتحدّر من لبنان، والذي يعرف وطنه الأم معرفة وثيقة، وسبق أن زاره غير مرّة… وكان في رفقته ثلاثة وزراء وحاكم ساو باولو، ما يدل على أهمية الجالية اللبنانية التي يبلغ عددها نحو 12 مليون نسمة أي ثلاثة أضعاف اللبنانيين المقيمين…

إنّ عظمة اللبنانيين في البرازيل ملموسة في كل مكان تقريباً وليس فقط في هذا المؤتمر الإغترابي الكبير الذي يعود الفضل في نجاحه الى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ومؤسّسة الإنتشار الماروني التي يرأسها نعمت فرام والتي يعود فضل إنشائها الى الوزير ميشال إدّة، أمدّ الله في عمره، والمرحومين جورج فرام وانطوان شويري… وقد كان للمؤسّسة دور كبير في تنظيم المؤتمر وبلوغه النجاح الكبير.

كنا، فعلاً، أمام مشهد يجعل المرء يحترم ذاته كونه لبنانياً، ويتعرّف أكثر الى هؤلاء المغتربين الذين خدموا أوطانهم الثانية وحققوا لها الازدهار من دون أن يتنكروا يوماً واحداً لوطن الارز الذي أرسلهم رسلاً ميامين الى هنا، في البرازيل، وإلى مختلف أصقاع العالم.

لقد هاجر المغتربون في ظروف صعبة خصوصاً أبناء الهجرة الأولى الكبيرة خلال الحرب العالمية الأولى إمّا هرباً من ظلم العثماني وإمّا بحثاً عن لقمة العافية والكرامة بعدما فرض «العثملّي» قانون العسف والظلم والجوع على الشعب… إنّ تاريخ «الدياسبورا» اللبنانية قاسٍ جداً، ولكن من تلك الصعوبات والآلام انبثقت نجاحات غير محدودة: رؤساء جمهوريات، حكّام ولايات، نواب أمّة، وزراء، كبار الأثرياء، جماعات من المتفوّقين في المال والأعمال والفكر والفنون الخ…

إنّ هؤلاء هم طاقات كبرى يجب أن يستغلها لبنان في المجالات كافة، خصوصاً وأنّ الحنين الى لبنان لا تزال جذوته مشتعلة في قلوبهم، ولا يزال لبنان ماثلاً في وجدانهم.

وكم كان لافتاً أنّ الرئيس البرازيلي تامر دعا، بدوره، مواطنيه المتحدّرين (مثله) من أصل لبناني لأن يبادروا الى استعادة الجنسية اللبنانية، وأن يحملوا جواز سفر وطنهم الأم.